وكذلك سورة (النساء) و (آل عمران) و (الأنعام) فإنها لم يذكر في شيء من السور طول في المعنى الذي سميت به، مثل ما ذكر فيهم.
وأما مثال التسمية للغرابة، كـ (الأعراف) و (الحجر) و (الرعد) و (سبأ) و (الشعراء) و (النمل) وكثير من السور.
وأما مثال التسمية للمناسبة الذي سميت به لأولها فـ (هود)، فإن افتتاحها بقوله جل وعلا: (ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير. وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير. إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير) [هود: ٢ - ٤].
وليس في سورة (هود) في قصص أحد من الأنبياء عليهم السلام الاعتناء بشأن هذا المعنى، المفتتح به السورة ما لـ (هود) عليه السلام، وإن طالت قصة (نوح) عليه السلام فليس فيها ما في قصة (هود)، وانظر إلى قوله تعالى حكاية عنه: (إني أشهد الله واشهدوا أني برئٌ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون. إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دآبة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) [هود: ٥٤ - ٥٦].
فظهر أن وجه تسمية السورة ونسبتها إليه عليه السلام، ظهوره بشدة الحاجة على المنكرين - والله أعلم -.
فتسمية السور - والله أعلم - لا تخرج عن هذه الأوجه الأربعة: [إما ابتداؤها، أو طول الشأن فيها، أو غرابته، أو مناسبته لأولها لكون الأول كالترجمة] لباقي السورة.