عليه سبحانه وتعالى. وباطنها: توحيده سبحانه وتعالى، وتفريده بالعبادة، فإنه إذا كان الثناء جميعه مخصوصاً به؛ فلا أحد يستحق الثناء سواه، فكيف يعبد أو يقصد من ليس له حمد في شيء. والحد الذي ينبغي أن يقصد ويوقف عنده: الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى في كل شيء، والتوكل عليه، والاكتفاء عمن سواه. والمطلع، وهو الذي أرشد إلى فهم الحد: هو حصر الحمد فيه سبحانه؛ فإن لفظ (الحمد لله) أفهم انحصار الحمد فيه، فأطلعنا من حصر الحمد فيه - جل شأنه - إلى أن ما سواه في حكم العدم، فلم ننزل بسواه حاجاتنا، ولم نتوكل على ما عداه في مهماتنا.
وكذا في قوله: (رب العالمين) فإن ظاهر هذا اللفظ: أنه سبحانه هو المربي للعالمين. وباطنه: الإشارة إلى أنه أحكم الخالقين، فإن المربي لا تكمل تربيته إلا بإحكام الأشياء، والإتيان بها على أحسن منوال، وأبدع حال.
والحد الذي ينبغي أن يوقف عنده: هو نفي الاعتراض ظاهراً وباطناً، في شيء من الأشياء على الله سبحانه وتعالى، والرضى بجميع ما يبديه، فإنه بعد أن علم أنه رب العالمين، أي: مربيهم، وعلم أن المربي حكيم وجب الرضى بجميع ما يكون، فإن كل ذلك من التربية الإلهية. والمطلع لهذا المعنى: الإتيان بلفظ الرب، الذي هو بمعنى التربية على جهة الحكمة.
وقس على هذا سائر الآيات، والله يتولى العناية.


الصفحة التالية
Icon