وعلى هذا يقال: آيات الأمر والنهي، والوعد والوعيد، خير من آيات القصص؛ لأنها إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والإنذار والتبشير، ولا غناء للناس عن هذه الأمور، وقد يستغنون عن القصص، فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم [مما] يجري مجرى الأصول خيرا لهم، مما يجعل تبعا لما لا بد منه.
الثاني: أن يقال الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله وبيان صفاته، والدلالة على عظمته أفضل، بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجل قدرا.
الثالث: أن يقال سورة خير من سورة، وآية خير من آية، بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل، ويتأدى منه بتلاوتها عبادة، كقراءة آية (الكرسي) و (الإخلاص) و (المعوذتين)، فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله، ويتأدى بتلاوتها عبادة الله؛ لما فيها من ذكره سبحانه بالصفات العلا/ على سبيل الاعتقاد لها، وسكون النفس إلى فضل ذلك الذكر وبركته، وأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم، وإنما يقع بها علم.
ثم لو قيل في الجملة: إن القرآن خير من "التوراة" و"الإنجيل" و"الزبور"، بمعنى أن التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها، والثواب بحسب قراءته لا بقراءتها، وأنه من حيث الإعجاز حجة النبي المبعوث، وتلك الكتب لم


الصفحة التالية
Icon