وقال في: الإحياء": فالوجه في الجمع بين هذه الأحاديث: أن الإسرار أبعد عن الرياء والتصنع فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه، فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوش الوقت على مصل آخر فالجهر أفضل؛ لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته أيضا تتعلق بغيره، والخير المتعدي أفضل من اللازم، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف إليه سمعه، ولأنه يطرد النوم برفع الصوت، ولأنه يزيد في نشاطه في القراءة، ويقلل من كسله، ولأنه يرجو بجهره تيقظ نائم فيكون سبب إحيائه، ولأنه قد يراه باطل غافل فينشط بسبب نشاطه، ويشتاق إلى الخدمة، فمتى حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، وإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر، وبكثرة النيات يزكو عمل الأبرار، فإن كان في العمل الواحد عشر نيات كان فيه عشر أجور.
ويدل لهذا الجمع حديث أبي داود وبسند صحيح: عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال: اعتكف رسول الله ﷺ في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج لربه، فلا يؤذي