ومحكمه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ (٢٨)﴾ [الأعراف: ٢٨]، ردًا على الكفار فيما حكى عنهم: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا (٢٨)﴾ [الأعراف: ٢٨]
وكذلك قوله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ (٦٧)﴾ [التوبة: ٦٧]، وظاهر النسيان ما يكون ضدًا للعلم، ومرجوحه الترك، والآية المحكمة فيه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)﴾ [مريم: ٦٤]
وقوله تعالى: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)﴾ [طه: ٥٢]
واعلم أن هذا موضع عظيم فنقول: إنَّ كل أحد من أصحاب المذاهب يدَّعي أن الآيات الموافقة لمذهبه محكمة، وأن الآيات الموافقة لقول خصمه متشابهة، فالمعتزلي يقول: قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (٢٩)﴾ [الكهف: ٢٩]، محكم، وقوله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)﴾ [التكوير: ٢٩]، متشابه.
والسني يقلب الأمر في ذلك، فلا بدّ هاهنا من قانون يرجع إليه في هذا الباب، فنقول: اللفظ إذا كان محتملًا لمعنيين، وكان بالنسبة إلى أحدهما راجحًا، وبالنسبة إلى الآخر مرجوحًا، فإن حملناه على الراجح ولم نحمله على المرجوح فهذا هو (المحكم)، وإن حملناه على المرجوح ولم نحمله على الراجح فهذا هو (المتشابه). ونقول: صرف اللفظ من الراجح إلى