تعين التأويل. فظهر أنه لا سبيل إلى صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح إلا بواسطة إقامة الدلالة العقلية القاطعة على أن معناه الراجح محال عقلًا.
ثم إذا قامت هذه الدلالة، وعرف المكلف أنه ليس مراد الله تعالى من هذا اللفظ ما أشهر بع ظاهره، فعند هذا لا يحتاج إلى أن يعرف أن ذلك المرجوح -الذي هو المراد- ماذا؟ لأن السبيل إلى ذلك إنما يكون بترجيح مجاز على مجاز، وترجيح تأويل على تأويل، وذلك الترجيح لا يمكن إلا بالدلائل اللفظية، والدلائل اللفظية -على ما بينا- ظنية، لا سيما الدلائل المستعملة في ترجيح مرجوح على مرجوح آخر يكون في غاية الضعف، والتعويل على مثل هذه الدلائل اللفظية في المسائل القطعية محال.
فلهذا: التحقيق المتين مذهبًا، أن بعد إقامة الدلالة العقلية على أن حمل اللفظ على ظاهره محال لا يجوز الخوض في تعيين التأويل. فهذا منتهى ما حصلناه في هذا الباب. والله ولي الهداية والرشاد.
المسألة الثانية: في حكاية أقوال الناس في المحكم والمتشابه: فالأول: ما نقل عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: المحكمات: هي الثلاث الآيات في سورة (الأنعام):
﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ | ﴾ إلى آخر الآيات الثلاث. |