وقال الواحدي: كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة وإنما أخر في الكلام لأنه تعالى لما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ﴾ [البقرة: ٦٧] علم المخاطبون أن البقرة لا تذبح إلا للدلالة على قاتل خفيت عينه عليهم، فلما استقر علم هذا في نفوسهم أتبع بقوله: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ [البقرة: ٧٢] فسألتم موسى فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾. وكذا قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ [البقرة: ٧٣] فإنه مؤخر من تقديم، وتقدير الكلام والله أعلم: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٧٢]، ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ فتضربوا ببعضها الميت فيحييه الله تعالى، ﴿كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى﴾، ﴿قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
ومنه قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الفرقان: ٤٣]، والأصل: هواه إلهه، لأن من اتخذ إلهه هواه غير مذموم فقدم المفعول الثاني للعناية به.
وقوله تعالى: ﴿أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (٥)﴾ [الأعلى: ٤، ٥] على تفسير أحوى بالأخضر نعتًا للمرعى أي أخرجه أحوى فجعله غثاءً وأخر رعاية للفاصل.