وقال تعالى في آية أخرى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الكهف: ٥٥] فهذا حصر آخر في غيرهما.
وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا﴾، ﴿إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ من الخسف أو غيره، ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ في الآخرة، فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا شك أن إرادة الله تعالى مانعة من وقوع ما ينافي المراد فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة ومعنى الآية الثانية ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا﴾ إلا استغراب بعثه بشرًا رسولًا لأن قولهم ليس مانعًا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهو يدل على الاستغراب بالالتزام وهو المناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعًا حقيقيًا بل عاديًا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة الله فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافي. انتهى.
أقول: ويحتمل الجمع بين الآيتين بوجه آخر وهو أن يحمل الناس