ليهلكهم، مع أنه -تعالى- قال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ﴾ [النساء: ٢٦]
وتأولوا قوله تعالى: ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾ [النمل: ٤] على أنه تعالى زين لهم أنعُمَه. ونقضوا بذلك ما في القرآن، كقوله تعالى: ﴿نَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١]، ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: ٥٩]، وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]، وقال تعالى: ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [يونس: ١٠٨]، وقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ٧]، فكيف يزين النعمة؟ ! فهذا ما قاله أبو مسلم. وليت شعري لِمَ حكم على الآيات الموافقة لمذهبه بأنها محكمات، وعلى الآيات المخالفة لذلك بأنها متشابهات؟ !
ولم أوجَبَ في تلك الآيات المطابقة لمذهبه إجراءَها على الظاهر، وفي الآيات المخالفة لمذهبه صرفها عن الظاهر؟ !
ومعلوم أن ذلك لا يتم إلا بالرجوع إلى الدلائل العقلية. فإذا دلت على بطلان مذهب المعتزلة -الأدلة العقلية الباهرة- فإن مذهبهم لا يتم إلا إذا قلنا بأنه صدر عن أحد الفعلين دون الثاني من غير مرجح، وذلك تصريح بنفي الصانع، ولا يتم إلا إذا قلنا بأنه -سبحانه- ما كان


الصفحة التالية
Icon