ومنه حذف همزة «إنا» من قوله تعالى: ﴿لكنا هو الله ربي﴾ [الكهف: ٣٨] الأصل «لكن أنا» حذفت همزة «أنا» تخفيفًا وأدغمت النون في النون.
النوع الثاني: ما يسمى بالاكتفاء، وهو أن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط فيكتفي بذكر أحدهما عن الآخر لنكتة. ويختص ذلك غالبًا بالارتباط العطفي، كقوله: ﴿سرابيل تقيكم الحر﴾ [النحل: ٨١] أي: والبرد، وخص الحر بالذكر؛ لأن الخطاب للعرب، وبلادهم حارة والوقاية عندهم من الحر أهم؛ لأنه أشد عندهم من البرد.
وقيل: أنت البرد تقدم ذكره في الامتنان بوقايته صريحًا في قوله تعالى: ﴿ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها﴾ [النحل: ٨٠] وفي قوله تعالى: ﴿وجعل لكم من الجبال أكنانًا﴾ [النحل: ٨١]، وفي قوله تعالى: ﴿والأنعام خلقها لكم فيها دفء﴾ [النحل: ٥].
ومن أمثلة هذا النوع أيضًا قوله تعالى: ﴿بيدك الخير﴾ [آل عمران: ٢٦] أي: «والشر»، وإنما خص الخير بالذكر؛ لأنه مطلوب العباد ومرغوبهم، أو لأنه أكثر وجودًا في العالم، أو لأن إضافة الشر إلى الله تعالى [ليس] من باب الأدب، كما قال صلى الله عليهم وسلم: «والشر ليس إليك» وقيل: ليس هو من هذا الباب،