فإن قيل: هذا جامع بعيد؛ لأن كونه حديثًا عن لمؤمنين، بالعرض لا بالذات، والمقصود بالذات الذي هو جامع مساق الكلام، إنما هو الحديث عن القرآن لأنه مفتتح القول.
قيل: لا يشترط في الجامع ذلك، بل يكفي التعلق على أي وجه كان، ويكفي وجه الربط ما ذكرنا؛ لأن القصد تأكيد أمر القرآن والعمل به، والحث على الإيمان، ولهذا لما فرغ من ذلك قال [جل شأنه]: ﴿وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا﴾ [البقرة: ٢٣]، فرجع إلى الأول.
الثالث: الاستطراد، كقوله تعلى: ﴿يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا ولباس التقوى ذلك خير﴾ [الأعراف: ٢٦].
قال الزمخشري: هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد، عقب ذكر بدو السوءات وخصف الورق من المهانة والفضيحة، وإشعارًا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى.
قال السيوطي رحمه الله: وقد خرجت على الاستطراد، قوله تعالى: ﴿لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون﴾ [النساء: ١٧٢]، فإن أول الكلام ذكر للرد [على النصارى الزاعمين بنوة المسيح، ثم استطرد