وقال غيره: إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها، ثم هو يخفى تارة ويظهر أخرى، كافتتاح سورة (الأنعام) بالحمد، فإنه مناسب لختام (المائدة) من فصل القضاء، كما قال تعالى: ﴿وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين (٧٥)﴾ [الزمر: ٧٥]، وكافتتاح سورة (فاطر) بالحمد [أيضًا] فإنه مناسب لختام قبلها من قوله [تعالى]: ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل﴾ [سبأ: ٥٤]، كما قال تعالى: ﴿فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين﴾ [الأنعام: ٤٥]، وكافتتاح سورة (الحديد) بالتسبيح، فإنه مناسب لختام سورة (الواقعة) بالواقعة بالأمر به.
وكافتتاح سورة (البقرة) بقوله: ﴿الم * ذلك الكتاب﴾ [البقرة: ١ - ٢]، فإنه إشارة إلى الضراط في قوله [تعالى]: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [الفاتحة: ٦]، كأنهم [لما] سألوا الهداية إلى الصراط، قيل لهم ذلك: الصراط الذي سألتهم الهداية إليه هو الكتاب، وهذا معنى حسن يظهر ارتباط سورة (البقرة) بالفاتحة.
ومن لطائف سورة (الكوثر) أنها كالمقابلة للتي قبلها؛ لأن السابقة وصف الله فيها المنافق بأربعة أمور: بالبخل، وترك الصلاة، والرياء فيها، ومن الزكاة، فذكر فيها في مقابلة البخل: ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ [الكوثر: ١] أي الخير الكثير، وفي مقابلة ترك الصلاة ﴿فصل﴾