وأقول: إنه لما كانت النفس تطلق ويراد بها مجموع الخصال الذميمة ذكر من عند أنفسهم للإشارة إلى أن هذه الصفة القبيحة إنما نشأت من النفس، ولو أنهم تبصروا بنور العقل والفكر، وبصيرة القلب لما وقعوا في الحسد.
فإن قيل: كيف قال تعالى: ﴿الذين يأكلون الربوا﴾ [البقرة: ٢٧٠] والحق والذم والوعيد على أكل الربا، والربا ينتفع به في وجوه من اللباس، والنكاح، والمسكن، والفراش، والأثاث، وغير ذلك؟.
الجواب: لما كان أكثر الانتفاع من المال بالأكل أطلق عليه. والمقصود سائر الانتفاعات كما يقال: أكل فلان مال فلان، إذا انتفع بسائر الانتفاعات. فإن قيل: كيف قال تعالى: ﴿آلم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق﴾ [آل عمران: ١ - ٣]. ثم قال: ﴿وأنزل التوراة والإنجيل﴾ [آل عمران: ٣] الجواب: أن نزل يقتضي التكرار، والقرآن نزل منجمًا مفرقًا مرة بعد أخرى، والتوراة والإنجيل أنزلت جملة، فناسب (أنزل)؛ فإن (أنزل) لا يقتضي التكرار.
فإن قلت: قوله تعالى: ﴿وءاتوا اليتامى أموالهم﴾ [النساء: ٢]، واليتيم لا يعطى ماله حتى يبلغ، وإذا بلغ لا يسمى يتيمًا، فهو يقتضي إعطاؤهم أموالهم قبل البلوغ؟.
الجواب: لا يعطى إلا بعد البلوغ، وتسميته يتيمًا مجازًا عن ما كانوا عليه من اليتم.


الصفحة التالية
Icon