فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} [النحل]؟.
قلت: لم أر لأحد من أهل العلم عن هذا السؤال جوابًا شافيًا، وقد فتح الله علي بجواب حسن إن شاء الله تعالى، وهو أن الاحتجاج بالقدر مذموم إذا قصد به المتكلم تنزيه نفسه، وأن المعاصي والكفر لم يقع منه إلا بمشيئة الله وقدرته، فهذا مذموم لأنه يريد بذلك براءة نفسه، ونسبة المعصية إلى قضاء الله وقدره، فرد الله على من قال ذلك من الكفر؛ لأنهم يريدون أن لا تثبت لله عليهم حجة: ﴿قل فلله الحجة البالغة﴾ [الأنعام: ١٤٩]، وحجة الله ثابتة على كل مخلوق، ومن قصد بإسناد القضاء والقدر إلى الله توحيد الصانع وبيان الأشياء راجعة إلى علم الله وإرادته وقدرته في كل حال، وهو يعتقد قيام حدة الله عليه، فهذا مذهب محمود وهو الذي ذكره الله في الآية السابقة [الأنعام: ١٤٩] فتحفظ بهذا الجواب. والله أعلم.
فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: ﴿فإن كنت في شكٍ﴾ [يونس: ٩٤] والشك منتف عنه عليه السلام؟
الجواب: أن هذا [خطاب للنبي] ﷺ والمراد به أمته، وقد ذكروا لهذه الآية نظيرًا، قالوا: إن الخطاب فيه للنبي ﷺ والمقصود به غيره.
فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: ﴿خالدين فيها ما دامت السموات والأرض﴾ [هود: ١٠٧]، والسماوات والأرض تفنى؟
والجواب: أن ذلك خرج على عادة العرب في قولهم: (لا أفعل ما دام الجديدان)، عبارة عن عدم الفعل أبدًا، فالمعنى على الدوام.