تقديم الإناث للإشارة إلى أنه جل شأنه يفعل ما يختاره لا ما يختاره العباد، ثم بين تعالى فضل الذكور بتعريف لفظ الذكور للإفهام برفع درجتهم وإن قدم الإناث عليهم لفائدة في هذا المقام، ثم بعد أن علم المقصود وعاد الخطاب إلى أصله، فقال: ﴿أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا﴾ [الشورى: ٥٠]. فقدم الذكور؟
فإن قلت: لأي شيء عبر الحق بالوجه في قوله تعالى: ﴿كل من عليها فان* ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ [الرحمن: ٢٦، ٢٧]. والمقصود بالوجه الذات، فلأي شيء عبر بالذات أو ما يعبر عنها؟
قلت: لما كان في الوجه حاجة البصر وهي في حق الحق جل شأنه راجعة إلى صفة العلم والإحاطة بالمبصرات والمعلومات عبر بالوجه للإشارة إلى أنه جل شأنه في حال عدم الخلق وإفنائهم، عالم بهم محيط بحقائقهم كلياتهم وجزئياتهم، ليعيدهم إلى دار البقاء، فكان التعبير بالوجه نكتة لطيفة.
وقال الرازي في «تفسيره» وتبعه البيضاوي: المراد بالوجه في هذه الآية من باب وجه المسألة يعني: كل من عليها فان ويبقى الوجه الدال على بقاء الحق ويثبت ولا ترد عليه شبهة تبطله، هذا ملخص ما ذكروه.
فإن قلت: لأي شيء عبر سورة (الحديد) و (الحشر) و (الصف) بلفظ: (سبح) بالماضي، وفي (الجمعة) و (التغابن) بالمضارع، وبالأعلى بالأمر، وفي (الإسراء) بالمصدر؟
الجواب: القصد استعاب الجهات المشهورة لهذه الكلمة، وبدأ بالمصدر في (الإسراء) لأنه الأصل، ثم بالماضي لسبق زمانه، ثم المضارع لشموله