فإن قلت: ما وجه عطف قوله تعالى: ﴿فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون﴾ [الماعون]، فعطفت جملة «يمنعون» على جملة «يراؤون» وشرط العطف أن يكون بين الجملتين (جامع مناسب لعطف أحدهما على الآخر)؟.
قلت: لما كان الرياء أبطل الأعمال الصالحة العظيمة الجليلة التي توجب للعبد الهلاك والذهاب والبعد عن حضرة الله تعالى، ومع هذا تساهل المرائي فيها وأضاعها، وهي جواهر ونفائس وذخائر ولم يبخل بها، وبخل بشيء حقير لا يضره وهو إعادة الماعون: مثل القدح والسكين، فكان بينهما (كمال المناسبة بشبه التضاد وهو أحسن الجوامع). وهذا الجواب مما فتح الله به علي.
فإن قلت: ما وجه التكرار في قوله تعالى: ﴿قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس﴾ [الناس]؟.
الجواب: التنويه بشأن الناس (وأنه عالم جليل) مشتمل على إتقان الحكيم جل شأنه، ولذا قال القائل:
أتحسب أنك جرم صغير... وفيك انطوى العالم الأكبر
ولا ذرة منك إلا غدا... بها يوزن الكون أو أكثر
والحمد لله رب العالمين- وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم-.