فأجره حتى يسمع كلام الله} [التوبة: ٦]، فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه، ولا يكون إلا وهو معجزة.
وقال تعالى: ﴿وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين * أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك المتاب يتلى عليهم﴾ [العنكبوت: ٥٠، ٥١] فأخبر بأن الكتاب آية من آياته، كاف في الدلالة، قائم مقام معجزات غيره وآيات من سواه من الأنبياء، ولما جاء به النبي ﷺ إليهم، وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء، وتحداهم على أن يأتوا بمثله، وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا، [كما قال تعالى]: ﴿فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صادقين﴾ [الطور: ٣٤]، ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى: ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله﴾ [هود: ١٣، ١٤] الآية. ثم تحداهم بسورة في قوله (تعالى): ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله... ﴾ [يونس: ٣٨]. ثم كرر في قوله (عز من قائل): ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله... ﴾ الآية [البقرة: ٢٣]، فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء، نادى عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن، فقال [عز من قائل]: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨].
هذا وهم الفصحاء اللد، وقد كانوا أحرض شيء على إطفاء نوره، وإخفاء أمره، فلو كان في مقدورتهم معارضته لعدلوا إليها قطعًا للحجة، ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه شيء من ذلك ولا رامه، بل عدلوا إلى