والمعاني، وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية، مثل قوله تعالى: ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا﴾ [الأنبياء: ٢٣] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله، ووجوده، وبقائه، وقدمه، وقدرته، وعلمه، وتنزيهه عما لا يليق به، وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه، فرأت منها ما يقتضي العموم، ومنها ما يقتضي الخصوص، إلى غير ذلك، فاستنبطوا منه أحكام اللغة، من الحقيقة والمجاز، وتكلموا في التخصيص والإخبار، والنص والظاهر، والمجمل والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي، والنسخ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء، وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر، فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام، فأسسوا أصوله، وفرعوا فروعه، وبسطوا القول في ذلك بسطًا حسنًا، وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضًا.
ولمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السالفة والأمم الخالية، ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم، حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء،