الماضي إما أن يكون نفياً واحداً مستمراً، أو نفياً فيه أحكام متعددة، وكذلك النفي في المستقبل. فصار النفي على أربعة أقسام، واختاروا له أربع كلمات: «ما» و «لم» و «لن» و «لا». وإما «أن» و «لما» فليسا بأصلين. فـ «ما» و «لا» في الماضي والمستقبل متقابلان. و «لم» كأنه مأخوذ من «لا» و «ما»؛ لأن «لم» نفي للاستقبال لفظاً، والمضي معنى، فأخذ اللام من «لا» التي هي لنفي المستقبل، والميم من «ما» التي هي لنفي الماضي، وجمع بينهما إشارة إلى أن في «لم» إشارة إلى المستقبل والماضي، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن «لا» هي أصل النفي؛ ولهذا ينفي بها في أثناء الكلام، فيقال: لم يفعل زيد ولا عمرو. وأما «لما» فتركيب بعد تركيب، كأنه قال: «لم» و «ما» لتوكيد معنى النفي في الماضي. وتفيد الاستقبال أيضاً، ولهذا تفيد «لما» الاستمرار /.
تنبيهات:
[الأول]: زعم بعضهم أن شرط صحة النفي عن الشيء صحة اتصاف المنفي عنه بذلك الشيء، وهو مردود بقوله تعالى: ﴿وما ربك بغافل عما يعملون﴾ [البقرة: ١٤٤]، وقوله تعالى: ﴿وما كان ربك نسياً﴾ [مريم: ٦٤]، وقوله تعالى: ﴿لا تأخذه سنة ولا نوم﴾ [البقرة: ٢٥٥]، ونظائره.
والصواب أن انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلاً. وقد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه.
الثاني: نفي الذات الموصوفة، قد يكون نفياً للصفة دون الذات، وقد يكون نفياً للذات أيضاً.