ملغزًا، فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه في [أجل] صورة، ليفهم العامة [من جليلها] ما يقنعهم، وتلزمهم الحجة، وتفهم الخواص من أثنائها ما يربى على ما أدركه فهم الخطباء.
وقال ابن أبي الأصبع: زعم الجاحظ أن المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن، وهو مشحون به، وتعريفه: أنه احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له فيه على طريقة أرباب الكلام.
ومنه نوع منطقي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة، فإن الإسلاميين من أهل هذا العلم ذكروا أن أول سورة [الحج] إلى قوله [تعالى]: ﴿وأن الله يبعث من في القبور﴾ [الحج: ٧]. خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات:
قوله: ﴿ذلك بأن الله هو الحق﴾ [الحج: ٦]؛ لأنه [قد] ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظمًا لها، وذلك مقطوع بصحته؛ [لأنه خبر] أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت [قدرته] منقول إلينا بالتواتر فهو حق، ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا بالحق، فالله هو الحق.
وأخبر ﴿وأنه على كل شيء قدير﴾ [الحج: ٦] لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر، وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى، ليشاهدوا تلك