يفهم معنى الإحياء والإماتة، أو علم ذلك وغالط بهذا الفعل فانتقل عليه السلام إلى استدلال لا يجد الجبار له وجهًا يتخلص به منه فقال: ﴿فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب﴾ [البقرة: ٢٥٨]، فأنقطع الجبار وبهت، ولم يمكنه أن يقول: أنا الآتي بها من المشرق؛ لأن من هو أسن منه يكذبه.
ومنها المناقضة: [وهي] تعليق أمر على مستحيل، إشارة إلى استحالة وقوعه كقوله: ﴿ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط﴾ [الأعراف: ٤٠].
ومنها مجاراة الخصم ليعثر، بأن يسلم بعض مقدماته، حيث يراد تبكيته وإلزامه، كقوله تعالى: ﴿قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباءنا فأتونا بسلطان مبين (١٠) قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم... ﴾ الآية [إبراهيم: ١٠، ١١].
فقولهم: ﴿إن نحن إلا بشر مثلكم... ﴾ الآية، فيه اعتراف الرسل بكونهم مقصورين على البشرية، فكأنهم سلموا انتفاء الرسالة عنهم، وليس مرادًا، بل هو من مجازاة الخصم ليعثر؛ فأكنهم قالوا: ما ادعيتم من كوننًا بشرًا حق [لا ننكره] ولكن هذا لا ينافي أن يمن الله تعالى علينا بالرسالة.