قال الكندي: ذهب كثير من العلماء في قوله تعالى: ﴿هل يسمعونكم إذ تدعون (٧٢) أو ينفعونكم﴾ [الشعراء: ٧٢، ٧٣]. إلى أن «هل» تشارك الهمزة في معنى التقرير والتوبيخ؛ إلا أني رأيت أبا علي أبي ذلك، وهو معذور فإن ذلك من قبيل الإنكار. ونقل أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بـ «هل»، إنما يستعمل فيه الهمزة.
ثم نقل بعضهم أن «هل» تأتي تقريراً كما في قوله تعالى: ﴿هل في ذلك قسم لذي حجرٍ (٥)﴾ [الفجر: ٥].
والكلام مع التقرير موجب، ولذلك يعطف عليه صريح الموجب، ويعطف على صريح الموجب، فالأول: كقوله تعالى: ﴿ألم نشرح لك صدرك (١) ووضعنا عنك وزرك (٢)﴾ [الشرح: ١، ٢]، وقوله: ﴿ألم يجدك يتيماً فأوى (٦) ووجدك﴾ [الضحى: ٦، ٧]، ﴿ألم يجعل كيدهم في تضليل (٢) وأرسل﴾ [الفيل: ٢، ٣].
والثاني: نحو: ﴿أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً﴾ [النمل: ٨٤] على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل قوله عز وجل: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً﴾ [النمل: ١٤].