وأما التعجب فالاستفهام معه مستمر، فمن تعجب من شيء فهو بلسان الحال سائل عن سببه، فكأنه يقول: أي شيء عرض في حال عدم رؤية الهدهد! وقد صرح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية.
وأما التنبيه على الضلال، فالاستفهام فيه حقيقي، لأن معنى: «أين تذهب»؟ أخبرني إلى أي مكان تذهب، فإني لا أعرف ذلك؟ وغاية الضلال لا يشعر بها إلى أين تنتهي.
وأما التقرير فإن قلنا: المراد به الحكم بثبوته فهو خبر بأن المذكور عقيب الأداة واقع. أو طلب إقرار المخاطب به مع كون السائل يعلم، فهو استفهام يقرر المخاطب؛ أي يطلب منه أن يكون مقراً به، وفي كلام أهل الفن ما يقتضي الاحتمالين، والثاني أظهر، وفي «الإيضاح» تصريح به، ولا بدع في صدور الاستفهام ممن يعلم/ المستفهم منه؛ لأنه طلب الفهم؛ أما طلب فهم المستفهم، أو وقوع فهم لمن لم يفهم كائناً من كان.
وبهذا تنحل إشكالات كثيرة في مواضع الاستفهام ويظهر بالتأمل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة. انتهى.
الثاني: القاعدة أن المنكر يجب أن يلي الهمزة، وأشكل عليها قوله تعالى: ﴿أفاصفاكم ربكم بالبنين﴾ [الإسراء: ٤٠]، فإن الذي يليها هنا الإصفاء بالبنين، وليس هو المنكر، إنما المنكر قولهم: إنه اتخذ من الملائكة إناثاً.