جدد له العهد وولي الملك بعد والده، وعمره يومئذٍ عشرون عامًا، وكانت ملوك الروم جميعها تحمل الخراج لملك الفرس، وكان أبوه يحمل أيضًا إلى دارا ملك الفرس.
فلمما توفي والده منع هو الخراج عن ملك الفرس هدده، فأجابه بما يشق عليه وجميع جنوده، فأقبل إليه دارا ملك الفرس بجنوده، ووقع القتال فانكسر دارا وقتله الإسكندر، واستولى على الملك في الأرض حتى بلغ أقصى أرض المغرب، ومكن الله -جل شأنه- له في البلاد والعباد، وأطاعته الجبابرة، وأذاعته الفراعنة، وقصد المشرف فدخل العراق والهند، وتوصل إلى الصين، ولما نزل بجنوده على ملك الصين أتاه ليلًا ملك العين مستخفيا، فدخل عليه وطلب منه أن يصالحه على أمر ويرجع عنه، فطلب منه الإسكندر أمورًا عظيمة فامتنع من ذلك، وقال: لا يمكنني الوفاء بها، ثم اتفقا على أمر يحمله له في كل عام وذهب عنه.
فلما أصبح الإسكندر رأى جنود الصين محيطة به، وكانوا قدر جنده أضعافًا مضاعفة، فساء ظنه بهم وقال: لعله غدر بي ومكر علي، فلم يشعر إلا وملك الصين قد أقبل في مركب عظيم، وترحل عن مركبه وقبل الأرض بين يدي الإسكندر. فقال: ما السبب فيما رأيت؟ فقال: أردت أيها الملك أريك أن ليس بي ضعف ولا قلة من الجنود عن مقاومتك، وإنما أنا رجل ذو معرفة وحكمة، وأرى إله العالم مؤيدك وناصرك، فلا أحب أن أعارض إله العالم أيده ونصره.
وسار الإسكندر حتى بلغ إلى أرض الترك ويأجوج ومأجوج، وهم أمم


الصفحة التالية
Icon