الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} [الإسراء: ١] على طريق أهل الإشارة والعارفين بما فتح الله به من وراء الغيب.
﴿سبحان الذي... ﴾ أتى بالتسبيح في افتتاح هذه السورة إشارة إلى التعجب والتعظيم مما وهبه الله عز وجل لعبده ونبيه من الإسراء، وبما فتح عليه من المعارف والأنوار؛ فإن كلمة ﴿سبحان﴾ يؤتى بها على وجه التعظيم للشيء والتفخيم لشأنه.
﴿أسرى بعبده﴾؛ أي جذبه إلى حضرتهن واختصه بمحبته، وأفاض عليه أسرار معارفه، ونشر عليه عوارفه ولطائفه.
والجذبة عبارة عن الأخذة وهي جذبة القلب بواسطة الروح، وإدخالهما في حضرة الملكوت، ووجههما في حضرة اللاهوت، وهذه الجذبة شأنها عظيم، ومآلها فخيم. وقد قال في تعريفها النبي صلى الله عليه وسلم: جذبة من جذبات الحق توازي عمل الثقلين، صاحب الجذبة تطور له المقامات، صاحب الجذبة تقرب له المسافات، صاحب الجذبة ذرة منه توازي أعمال كثير من الخلائق، صاحب الجذبة يقول في سائر الطرائق: نقابس الحقائق، صاحب الجذبة محبوب، صاحب الجذبة مطلوب، صاحب الجذبة مشافه للعوالم العلوية، محادث للأرواح العلية، غارق في بحار الأحدية، مطموس في معاني الصمدية.
والعبد هو المتصف بأعلى المكملات النازع في سائر المقامات.
﴿ليلًا﴾؛ أي ليل عالم الستر وظلمة الخفاء؛ فإن الليل خفاء، وكتم، وستر. والجذبة من أسرار الله لا يطلع عليه إلا الله، أو من أطلعه الحق سبحانه وتعالى، جذب سر عبده سرًّا، وقربه إلى حضرته.
﴿من المسجد الحرام﴾ [الإسراء: ١]؛ أي حضرة قلبه؛ فإنه محرم بربه؛ فإن