سيبويه، واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما علم المعاني والبيان، وتمهل في ارتيادهما آونة، وتعب في التنقير أزمنة، وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله، وحرص على استيضاح معجزة رسول الله بعد أن يكون آخذًا من سائر العلوم بحظ، جامعًا بين أمرين تحقيق وحفظ، كثير المطالعات طويل المراجعات قد راجع زمانًا ورجع إليه، ورد عليه فارسًا في علم الإعراب، مقدمًا في جملة الكتاب، وكان من ذلك مسترسل الطبيعة، منقادها مشتعل القريحة، وقادها يقظان النفس دراكًا للمحة، وإن لطف شأنها منتبهًا على الرمزة، وإن خفي مكانها لا كزًا جاسيًّا، ولا غليظًا جافيًّا، متصرفًا [ذا دراية] بأساليب النظم والنشر، مرتضاها غير ريض بتلقيح نبات الفكر، قد علم كيف يرتب الكلام ويؤلف، وكيف ينظم ويرصف، طالما دفع إلى مضايقة، ووقع في مداحضة ومزالقة.
قال الزركشي في البرهان: للناظر في القرآن [لطلب