النصوص المتضمنة شرائع الأحكام، ودلائل التوحيد. وكل لفظ أفاد معنى واحدًا جليًّا يعلم أنه مراد الله، فهذا القسم [لا يلتبس] تأويله؛ إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾ [محمد: ١٩] وأنه لا شريك له في الإلهية، وإن لم يعلم أن «لا» موضوعة في اللغة للنفي و «إلا» للإثبات، وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر، ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى قوله تعالى: ﴿أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ [البقرة: ٤٣] ونحوها من الأوامر، طلب إيجاد المأمور به في الوجود وإن لم يعلم أن صيغة «افعل» للوجوب، فما كان من هذا القسم لا يعذر أحد [يدعي] الجهل بمعاني ألفاظه؛ لأنها معلومة لكل أحد بالضرورة.
وأما ما لا يعلمه إلا الله، فهو ما يجري مجرى الغيوب، نحو الآي المتضمنة لقيام الساعة، وتفسير الروح، والحروف المقطعة، وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف بنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله.
وأما ما يعلمه العلماء، ويرجع إلى اجتهادهم، فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل، وذلك استنباط الأحكام، وبيان المجمل، وتخصيص العموم، وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدًا، فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه، وعليهم اعتماد الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي، فإن كان أحد المعنيين