ثم قال: واعلم أن علوم القرآن ثلاثة أقسام: الأول: علم لم يطلع الله عليه أحدًا من خلقه، وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته، (ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته، وتفاصيل علوم) غيوبه التي لا يعلمها إلا هو، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه بوجه من الوجوه إجماعًا.
الثاني: ما أطلع الله عليه نبيه من أسرار الكتاب واختصه به، وهذا لا يجوز فيه إلا له ﷺ أو لمن أذن له.
قال: وأوائل السور من هذا القسم. وقيل: من القسم الأول.
الثالث: علوم علمها الله -جل شأنه- نبيه بما أودع كتابه من المعاني الجليلة والخفية وأمره بتعليمها، وهذا ينقسم إلى قسمين.
منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع، وهو أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراءات واللغات، وقصص الأمم الماضية، وأخبار ما هو كائن من الحوادث، وأمور الحشر والمعاد.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستدلال والاستنباط والاستخراج من ألفاظ، وهو قسمان: قسم: اختلفوا في جوازه وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات.
وقسم: اتفقوا عليه وهو استنباط الأحكام الأصلية، والفرعية، والإعرابية؛ لأن معناها على الأقيسة، وكذلك فنون البلاغة، وضروب المواعظ، والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه، واستخراجها [لمن له أهلية ذلك] انتهى ملخصًا.
وقال أبو حيان: ذهب بعض من عاصرناه إلى أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تركيبه بالإسناد إلى مجاهد، وطاوس، وعكرمة،