أنك إذا قلت: فلان لا يقوم له واحد، جاز في المعنى أن يقوم له اثنان فأكثر، بخلاف قولك: لا يقوم له أحد، وفي الأحد خصوصية ليس في الواحد، تقول: ليس في الدار واحد، فيجوز أن يكون من الدواب والطير والوحش والإنس، فيعم الناس وغيرهم، بخلاف: ليس في الدار أحد، فإنه مخصوص بالآدميين دون غيرهم. قال: ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى الأول، وبمعنى الواحد، فيستعمل في الإثبات، وفي النفي نحو: ﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص: ١]؛ أي: واحد، وأول، ﴿فابعثوا أحدكم بورقكم﴾ [الكهف: ١٩]، وبخلافهما فلا يستعمل إلا في النفي، تقول: ما جاءني من أحد، ومنه: ﴿أيحسب أن لن يقدر عليه أحد﴾ [البلد: ٥]، ﴿أن لم يرده أحد﴾ [البلد: ٧]، ﴿فما منكم من أحد﴾ [الحاقة: ٤٧]، ﴿ولا تصل على أحد﴾ [التوبة: ٨٤]، وواحد يستعمل فيهما مطلقاً، وأحد يستوي فيه الذكر والأنثى، قال تعالى: ﴿لستن كأحد من النساء﴾ [الأحزاب: ٣٢]، بخلاف الواحد فلا يقال: كواحد من النساء بل كواحدة، والأحد يصلح للإفراد والجمع، قال الحافظ السيوطي - رحمه الله تعالى -: قلت: ولهذا وصف به في قوله تعالى: ﴿فما منكم من أحد عنه حجزين﴾، بخلاف الواحد. والأحد له جمع من لفظه، وهو الأحدون، والآحاد، وليس للواحد جمع [من] لفظه، فلا يقال: واحدون، بل اثنان وثلاثة، والأحد ممتنع الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب، بخلاف الواحد، انتهى ملخصاً، وقد تحصل من كلامه ها هنا سبعة فروق.


الصفحة التالية
Icon