كتاب «ليس»: القاعدة في «من» ونحوه الرجوع من اللفظ إلى المعنى، ومن الواحد إلى المثنى، ومن الواحد إلى الجمع، ومن المذكر إلى المؤنث، نحو قوله تعالى: ﴿ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً﴾ [الأحزاب: ٣١]، ﴿من أسلم وجهه لله﴾، إلى قوله: ﴿ولا خوف عليهم﴾ [البقرة: ١١٢]، أجمع على هذا النحويون، قال: وليس في كلام العرب ولا في شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى اللفظ، إلا في حرف واحد، استخرجه ابن مجاهد، وهو قوله تعالى: ﴿ومن يؤمن بالله وعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين... ﴾، الآية [الطلاق: ١١]، وحد في ﴿يؤمن﴾، و ﴿يعمل﴾، و ﴿يدخله﴾، ثم جمع في قوله: ﴿خالدين﴾، ثم وحد في قوله تعالى: ﴿أحسن الله له رزقاً﴾، فرجع بعد الجمع إلى التوحيد.
قاعدة في التذكير والتأنيث:
التأنيث ضربان: حقيقي وغيره.
فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالباً؛ إلا أن وقع فصل، وكلما كثر الفصل حسن الحذف، والإثبات مع التحقيق أولى، ما لم يكن جمعاً.
وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل أحسن، نحو قوله تعالى: ﴿فمن جاءه موعظة من ربه﴾ [البقرة: ٢٧٥]، ﴿قد كان لكم ءاية﴾ [آل عمران: ١٣]، فإن كثر الفصل ازداد حسناً، نحو قوله: ﴿وأخذ الذين ظلموا الصيحة﴾ [هود: ٩٤]، والإثبات أيضاً حسن، نحو: ﴿وأخذت الذين ظلموا الصيحة﴾ [هود: ٩٤]، فجمع بينهما في سورة هود.
وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف، واستدل [عليه] بأن الله قدمه على الإثبات حين جمع بينهما.
ويجوز الحذف [أيضاً] مع عدم الفصل، حيث الإسناد إلى ظاهر، فإن كان إلى ضميره امتنع.


الصفحة التالية
Icon