أو نكرتين، أو الأول نكرة، والثاني معرفة، أو بالعكس.
فإن كانا معرفتين، فالثاني هو الأول غالباً، دلالة على المعهود الذي هو [في] الأصل في اللام أو الإضافة، نحو قوله تعالى: ﴿اهدنا السراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم﴾ [الفاتحة: ٦، ٧]، ﴿فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص﴾ [الزمر: ٢، ٣]، ﴿وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمت الجنة﴾ [الصافات: ١٥٨]، ﴿وقهم السيئات ومن تق السيئات﴾ [غافر: ٩]، ﴿لعلى أبلغ الأسباب أسباب السماوات﴾ [غافر: ٣٦، ٣٧].
وإن كانتا نكرتين فالثاني غير الأول غالباً، وإلا لكان المناسب هو التعريف، بناء على كونه معهوداً سابقاً، نحو قوله تعالى: ﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة﴾ [الروم: ٥٤]، فإن المراد بالضعف الأول: النطفة، وبالثاني: الطفولية، وبالثالث: الشيخوخة.
وقال ابن الحاجب في قوله تعالى: ﴿غدوها شهر وروحها شهر﴾ [سبأ: ١٢]: الفائدة في إعادة لفظ الشهر الإعلام بمقدار زمن الغدر، وزمن الرواح، والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار، ولو أضمر فالضمير إنما يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته، فإذا لم يكن له، وجب العدول عن الضمير إلى الظاهر.
وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى: ﴿فإن مع اليسر يسراً إن مع العسر يسراً﴾ [الشرح: ٤، ٥]، فالعسر الثاني هو الأول، واليسر الثاني غير الأول؛ ولهذا قال - ﷺ - في الآية: «لن يغلب عسر يسرين».
وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة، فالثاني هو الأول، حملاً على العهد، نحو قوله تعالى: ﴿وأرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول﴾ [المزمل: ١٥، ١٦]،