في العادة، وقلة الصديق، قال الزمخشري: ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم، نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته رحمة، وإن لم يسبق لهم بأكثرهم معرفة، وأما الصديق فأعز من بيض الأنوق.
ومن ذلك: ﴿الألباب﴾ لم يقع إلا مجموعاً، لأن مفرده ثقيل لفظاً.
ومن ذلك مجيء المشرق والمغرب بالإفراد والتثنية والجمع، فحيث أفرادا فاعتبارا للجهة، وحيث ثنيا فاعتبارا لمشرق الصيف والشتاء ومغربهما، وحيث جمعا فاعتبارا لتعدد المطالع في كل فصل من فصول السنة.
وأما وجه اختصاص كل موضوع بما وقع فيه، ففي سورة (الرحمن) وقع بالتثنية، لأن سياق السورة سياق المزودجين، فإنه - ﷺ - ذكر أولاً نوعي الإيجاد، وهما الخلق والتعليم، ثم ذكر سراجي العالم الشمس والقمر، ثم نوعي النبات ما كان على ساق وما لا ساق له، وهما النجم والشجر، ثم نوعي السماء والأرض، ثم نوعي العدل والظلم، ثم نوعي الخارج من الأرض، وهما الحبوب والرياحين، ثم نوعي المكلفين، وهم الإنس والجان، ثم نوعي المشرق والمغرب، ثم نوعي البحر الملح والعذب، فلهذا حسن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة، وجمعاً في قوله تعالى: ﴿فلا أقسم برب المشرق والمغرب إنا لقادرون﴾ [المعارج: ٤٠]، وفي سورة (الصافات)، للدلالة على سعة القدرة والعظمة.
فائدة:
ألف أبو الحسن الأخفش كتاباً في الإفراد والجمع [في القرآن]، ذكر فيه جمع ما وقع في القرآن مفرداً، ومفرد ما وقع [فيه] جمعاً، وأكثره من


الصفحة التالية
Icon