الأول ضمناً إغلاظاً، فزاد فرعون في الاستهزاء، فلما رآهم موسى لم يتفطنوا، أغلظ في الثالث بقوله: ﴿إن كنتم تعقلون﴾ [الشعراء: ٢٨].
ومثال الزيادة في الجواب: قوله تعالى: ﴿الله ينجيكم منها ومن كل كرب﴾ [الأنعام: ٦٤]، في جواب: ﴿من ينجيكم من ظلمت البر والبحر﴾ [الأنعام: ٦٣].
وقول موسى: ﴿هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي﴾ [طه: ١٨]، في جواب: ﴿وما تلك بيمينك يا موسى﴾ [طه: ١٧]، زاد في الجواب استلذاذاً بخطاب الله تعالى. وقول قوم إبراهيم: ﴿نعبد أصناما فنظل لها عاكفين﴾ [الشعراء: ٧١] في جواب: ﴿ما تعبدون﴾ [الشعراء: ٧٠]، زادوا في الجواب إظهارا للابتهاج بعبادتها، والاستمرار على مواظبتها، ليزداد غيظ السائل.
ومثال النقص منه: قوله تعالى: ﴿قل ما يكون لي أن أبدله﴾ [يونس: ١٥] في جواب: ﴿ائت بقرءان غير هذا أو بدله﴾ [يونس: ١٥]، أجاب عن التبديل دون الاختراع، قال الزمخشيري: لأن التبديل في إمكان البشر دون الاختراع، فطوى ذكره للتنبيه على أنه سؤال محال، وقال غيره: التبديل أسهل من الاختراع، وقد نفى إمكانه، فالاختراع أولى.
تنبيه:
قد يعدل عن الجواب أصلاً، إذا كان السائل قصده التعنت، نحو قوله تعالى: ﴿ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي﴾ [الإسراء: ٨٥]، وقال صاحب الإفصاح: إنما سأل اليهود تعجيزا وتغليظا، إذ كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان، والقرآن وعيسى وجبريل وملك آخر وصنف من الملائكة، فقصد اليهود أن يسألوه، فبأي مسمى أجابهم قالوا: ليس هو، فجاءهم الجواب مجملاً، وكان هذا الإجمال كيداً يرد به كيدهم.


الصفحة التالية
Icon