سورة النساء
٨٤ - وأخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن عائشة رضي الله عنهما قال: إن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها، وكان له غدق نخل، فكانت شريكته فيه وفي ماله، فكان يمسكها عليه، ولم يكن له من نفسه شيء، فنزلت: [﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا﴾ [النساء: ٣]، وفي رواية: أن عروة سألها عن قوله تعالى]: ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا﴾، إلى قوله: ﴿أو ما ملكت أيمنكم﴾، قالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن ينتقص صداقها، فنهوا عن نكاحهن، إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن، قالت عائشة: فاستفتى الناس رسول الله - ﷺ - بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: ﴿ويستفتونك في النساء﴾ -إلى-: ﴿وترغبون أن تنكحوهن﴾ [النساء: ١٢٧]، فبين الله لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها، ولم يلحقوها بسنتها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوباً عنها في قلة المال والجمال، تركوها والتمسوا غيرها من النساء، قالت: فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها، إلا أن يقسطوا لها، ويعطوها حقها الأوفى من الصداق. وفي رواية نحوه، وفيه: قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها [وجمالها]، ويريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن نكاحهن، إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق. وفيه قالت عائشة: والذي ذكر الله أنه «يتلى في الكتاب» الآية الأولى التي قال فيها: ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم﴾، قالت: وقول الله عز وجل في الآية الأخرى: ﴿وترغبون أن تنكحوهن﴾ رغبة أحدهم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال، فنهوا أن ينكهوا ما رغبوا في مالها