ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه أوتي علماً.
وأخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكان بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم يدخل هذا معنا، وإن لنا أبناء مثله؟ ! فقال عمر: إنه ممن علمتم، ودعاهم ذات يوم، فأدخله معهم -فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ، إلا ليريهم- فقال: ما تقولون في قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١]؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله، ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه به، قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١] فذلك علامة أجلك، ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: ٢]، فقال عمر: لا أعلم منها إلا ما تقول.
وأخرج أيضاً من طريق ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قال: قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيمن ترون هذه الآية نزلت: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ [البقرة: ٢٦٦]؟ قالوا: الله أعلم، فغضب عمر، فقال: قولوا: نعلم، أو لا نعلم، فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء [يا أمير المؤمنين! ]، فقال: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك، قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر لرجل غني يعمل بطاعة الله؟، ثم بعث له الشيطان، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.