فـ"قرأ": تأتي بمعنى الجمع والضم والتلاوة، والقراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، وقد نقل من هذا المعنى المصدري، وجعل اسماً للكلام المعجز، المنزل على محمد - ﷺ - من باب إطلاق المصدر على مفعوله، فأصبح كالعلم الشخصي له، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ٣٧].
ولعلوم القرآن معنيان:
أحدهما: معنى عام: وهوأنواع المعارف والعلوم المتصلة بالقرآن الكريم، سواء كانت خادمة له، أو دل القرآن على مسائلها وأحكامها (١).
فعلوم خادمة للقرآن كعلم التجويد، وعلم التفسير، وعلوم اللغة العربية، وعلم الناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك، وعلوم دل القرآن على مسائلها وأحكامها، كعلم الفقه، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم التاريخ، ونحو ذلك.
وقد توسع بعض العلماء في ذلك حتى أدخلوا علم الطب، وعلم الفلك، والجبر، والهندسة، وغيرها.
ولكن ليس هنالك شك أن كل العلوم الدينية والعربية داخلة في معنى علوم القرآن في معناه العام.
والثاني: ومعنى خاص باعتباره علما مدونا:
إن علوم القرآن باعتباره فناً مدوناً عبارة عن مباحث أساسية ينبغي الإلمام بها لكل مقبل على فهم ودراسة القرآن الكريم وإلا ضل عن سواء السبيل، لذا يمكن تعريفه بأنه: "أنواع المعارف والعلوم الخادمة للقرآن الكريم كعلم النزول، وعلم الرسم، وعلم التجويد والقراءات، وعلم أسباب النزول، وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم التفسير ونحو ذلك" (٢).
وفي القرن الثاني بدأ تدوين هذه العلوم في كتب منفصلة، كل علم يدرس ويدون على حده، ثم جمعت هذه العلوم في كتاب واحد لتأخذ الشكل المسمى بعلوم القرآن المتعارف عليه الآن. وقد ذكر الدكتور صبحي الصالح (٣) أن بداية ظهور الشكل المعاصر لعلوم القرآن إنما بدأ في كتاب "البرهان في علوم القرآن" للحوفي (ت ٤٣٠ هـ). بينما حدد كفافي والشريف بداية بلورة المفهوم المعاصرلعلوم القرآن في القرن الثامن على يد الزركشي (ت ٧٩٤ هـ) في كتابه "البرهان في علوم القرآن" (٤).
فوائد معرفة علوم القرآن:
ولمعرفة علوم القرآن فوائد جمة، منها (٥):
١ - أن دراسة القرآن الكريم وفهمه وتفسيره إنما تتطلب معرفة المفسر لهذه العلوم، لمعرفة أسباب النزول، لمعرفة الناسخ والمنسوخ وغيرها من علوم القرآن حتى يتفادى الخطا والزلل، والإسلام يحث على العلم والمعرفة، وبالعلم ترقى الأمم، فكيف إذا تكون ثقافة الدارس لعلوم القرآن، فهي أشرف الثقافات والعلوم.
(٢) مناهل العرفان: ٢٣.
(٣) مباحث في علوم القرآن، د الصالح: ص ١٢٤.
(٤) في علوم القرآن، الكفافي والشريف، مرجع سابق، ص ٣٣.
(٥) انظر: المدخل لدراسة القرآن الكريم. أبو شهبة، مرجع سابق، ص ٢٦.