وَاسْتُحِبَّ تَعَوُّذٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبْ
أخرج الطبري بسنده عن عبد الله بن عباس، قال: أول ما نزل جبريلُ على محمد قال: " يا محمد استعذ، قل: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم "، ثم قال: قل: " بسم الله الرحمن الرحيم "، ثم قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١]. قال عبد الله: وهي أول سورة أنزلها الله على محمد بلسان جبريل" (١).
وللإستعاذة مجموعة صيغ، منها:
الصيغة الأولى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وعلى هذا اللفظ دل الكتاب والسنة. وسوف نسرد الأدلة في الترجيح.
الصيغة الثانية: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
يدل على هذا اللفظ، ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في دعاء الرسول - ﷺ - إذا قام إلى الصلاة في الليل، وفيه: ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " (٢).
كما استدل له بقوله - تعالى -: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٢٠٠]، وبقوله- تعالى-: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [فصلت: ٤٦].
وهي اختيار طائفة من القراء (٣) منهم حمزة (٤)، وسهل بن أبي حاتم (٥)، وهي مروية عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (٦) - وبها يقول الحسن البصري (٧).
(٢) أخرجه أحمد (٣): (٥٠)، وأبو داود - في الصلاة - باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك - حديث ٧٧٥، والترمذي- في أبواب الصلاة- باب ما يقول عند افتتاح الصلاة - حديث (٢٤٢) - قال الترمذي «وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب» والنسائي في الصلاة - باب نوع آخر من الذكر بعد افتتاح الصلاة ٢: ١٣٢، وابن ماجه في الإقامة الحديث (٨٠٤). وصححه أحمد شاكر في تحقيق سنن الترمذي ١١: ٢، والألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (٧٠١)، وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد (١): (٢٠٥). وقد أخرج هذا الحديث من حديث عائشة أبو داود - الحديث (٧٧٦)، والترمذي - الحديث ٢٤٣، وابن ماجه في الإقامة الحديث (٨٠٦)، والدارقطني (١): (١١٢)، والحاكم ١: (٢٣٥) ورجاله ثقات فالحديث صحيح.
(٣) انظر: التبيان: ٦٤.
(٤) انظر «الإقناع في القراءات» (١): (١٥٠) - (١٥١)، «إغاثة اللهفان» ١: ١٥٣.
(٥) انظر «غرائب القرآن» (١): (١٥)، «النشر» (١): (٢٤٩).
(٦) أخرجها عن عمر ابن أبي شيبة - في الصلاة - التعوذ كيف هو (١): (٢٣٧).
(٧) أخرجها عن الحسن عبد الرزاق - في الصلاة - متى يستعيذ، الأثر (٢٥٩١)، ´ وابن حزم
في «المحلى» (٣): (٢٤٩).