وأما قوله: ﴿الله﴾، فهو أخص أسمائه به، لأنه لم يتسَمَّ باسمه الذي هو (الله) غيره.
وحُكي عن أبي حنيفة أنه الاسم الأعظم من أسمائه تعالى، لأن غيره لا يشاركه فيه (١).
واختلفوا في هذا الاسم ﴿الله﴾، هل هو اسم عَلَمٍ للذات أو اسم مُشْتَقٌّ من صفةٍ، على قولين (٢):
أحدهما: أنه اسم علم لذاته، غير مشتق من صفاته، لأن أسماء الصفات تكون تابعة لأسماء الذات، فلم يكن بُدٌّ من أن يختص باسم ذاتٍ، يكون علماً لتكون أسماء الصفات والنعوت تبعاً، تفرد به الباري سبحانه وتعالى، يجري في وصفه مجرى الأسماء الأعلام، لا يشركه فيه أحد، قال الله عز وجل: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]. وهذا مذهب الخليل (٣)، وابن كيسان (٤)، وأبي بكر القفال (٥)، والحسين بن الفضل (٦) (٧).
والقول الثاني: أنه مشتق من (أَلَهَ)، صار باشتقاقه عند حذف همزِهِ، وتفخيم لفظه الله.
أخرج ابن ابي حاتم بسنده عن أبي الشعثاء جابر بن زيد في قوله: ﴿بسم الله﴾، قال: اسم الله الأعظم هو «الله». ألا ترى أنه في جميع القرآن يبدأ به قبل كل اسم" (٨).
واختلفوا فيما اشْتُقَ منه إله على قولين (٩):
أحدهما: أنه مشتق من الَولَه، وفي سبب اشتقاقه من ذلك، أقوال:
أحدها: لأن العباد يألهون إليه، أي يفزعون إليه في أمورهم، فقيل للمألوه إليه: (إله)، كما قيل للمؤتمِّ به: (إمام).
(٢) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٠ - ٥١، واشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ٢٥، "الخزانة" ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧، والكتاب" ٣/ ٤٩٨، والإغفال" ص ٢٦، والمخصص" ١٧/ ١٤٣، والمسائل الحلبيات" للفارسي ص ١٠١، والمسائل البصريات" للفارسي ٢/ ٩٠٩.
(٣) هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، البصري، صاحب العربية والعروض (١٠٠ - ١٧٥ هـ). انظر ترجمته في: "معجم الأدباء" ٣/ ٣٠٠، "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي ص ٤٧، "إنباه الرواة" ١/ ٣٧٦، "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٤٤، ومقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٣٢، "إشارة التعيين" ص ١١٤.
(٤) هو أبو الحسين محمد بن أحمد بن كيسان، النحوي، كان يجمع بين المذهبين البصري والكوفي، وإلى مذهب البصريين أميل، توفي سنة تسع وتسعين ومائتين.
انظر ترجمته في "طبقات النحويين" للزبيدي ص ١٣٩، "تاريخ بغداد" ١/ ٣٣٥، "إنباه الرواة" ٣/ ٥٧.
(٥) هو محمد بن علي بن إسماعيل، أبو بكر الشاشي القفال، أحد أعلام المذهب الشافعي، يتكرر ذكره في التفسير والحديث والأصول والكلام، توفي سنة خمس وستين وثلاثمائة على الصحيح.
انظر ترجمته في "الأنساب" ٧/ ٢٤٤، "وفيات الأعيان" ٤/ ٢٠٠، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ١٤٨.
(٦) الحسين بن الفضل، هو أبو علي الحسين بن الفضل بن عمير البجَلِي الكوفي ثم النيسابوري، المفسر، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
انظر ترجمته في: "العبر" ١/ ٤٠٦، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٥٩.
(٧) انظر: "تفسير أسماء الله" للزجاجي، اشتقاق اسماء الله" للزجاجي: ص ٢٨، وتفسير الثعلبي" ١/ ٩٢، والزينة" ٢/ ١٢.
(٨) تفسير ابن أبي حاتم (٣): ص ١/ ٢٥.
(٩) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥١.