أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِراطٍ إذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيم
يريد على طريق الحق (١).
ومنه قول الهُذلي أبي ذُؤَيْب (٢):
صَبَحْنَا أَرْضَهُمْ بالخَيْلِ حَتّى تركْنَاها أَدَقَّ مِنَ الصِّرَاطِ
وقال عامر بن الطفيل (٣):
خشونا أرضهم بالخيل حتّى تركناهم أذل من الصراط
والثاني: أنه الطريق الواضح، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُون﴾ [الأعراف: ٨٦]، وقال الشاعر (٤):
فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّرَاطِ الْقَاصِدِ
والثالث: أن الصراط: الطريق، بلغة الروم. قاله النقاش (٥).
قال ابن عطية: " وهذا ضعيف جدا" (٦).
قال الماوردي: و ﴿الصراط﴾: " مشتق من مُسْتَرَطِ الطعام، وهو ممره في الحلق" (٧).
قال الطبري: "أجمعَت الأمَّةُ من أهل التأويل جميعًا على أنَّ ﴿الصراطَ المستقيمَ﴾، هو: الطريقُ الواضحُ الذي لا اعوجاج فيه، وكذلك ذلك في لغة جميع العرب" (٨).
قال ابن القيم رحمه الله: "و ﴿الصراط﴾: ما جَمَع خمسةَ أوصاف: أنْ يكون طريقًا مستقيمًا، سهلاً، مسلوكًا، واسعًا، موصلاً إلى المقصود، فلا تُسمِّي العربُ الطريقَ المُعْوَجَّ: صراطًا، ولا الصعبَ المشق، ولا المسدود غير الموصل، ومَن تأمَّلَ مواردَ الصراط في لسانهم واستعمالهم، تبيَّن له ذلك... ولا تكون الطريقُ صراطًا حتى تتضمَّن خمسةَ أمور: الاستقامةَ، والإيصالَ إلى المقصود، والقُرْبَ، وسعتَه للمارِّين عليه، وتعيُّنَه طريقًا للمقصود" (٩).
وفي الدعاء بهذه الهداية، ثلاثة تأويلات (١٠):
أحدها: أنهم دعوا باستدامة الهداية، وإن كانوا قد هُدُوا.
والثاني: معناه زدنا هدايةً. وضعفه الطبري (١١).
(١) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٧٠.
(٢) نسبه إليه الطبري: ١/ ١٧٠، والبيت ليس في ديوانه، ونسبه القرطبي في تفسيره ١: ١٢٨ لعامر بن الطفيل، وليس في ديوانه، فإن يكن هذليا، فلعله من شعر المتنخل، وله قصيدة في ديوان الهذليين ٢/ ١٨ - ٢٨، على هذه القافية. ولعمرو بن معد يكرب أبيات مثلها رواها القالي في النوادر ٣/ ١٩١.
(٣) انظر: الفروق اللغوية: ٣١٣، وتفسير الثعلبي: ١/ ١١٩.
(٤) انظر: النكت والعيون: ١، ٥٨، وتفسير الطبري: ١/ ١٧٠، ومجاز القرآن: ١/ ٢٤، والمحرر الوجيز: ١/ ٧٤، وتفسير القرطبي: ١/ ١٢٨، وفيه: "الصراط الواضح". وهو بلا نسبة.
(٥) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ٧٤.
(٦) المحرر الوجيز: ١/ ٧٤.
(٧) النكت والعيون: ١/ ٥٨.
(٨) تفسير الطبري (١/ ١٧٠).
(٩) دائع الفوائد (٢/ ١٦).
(١٠) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٨ - ٥٩.
(١١) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٦٧ - ١٦٨.


الصفحة التالية
Icon