والثامن: أنه طريق العبودية. قاله أبو عثمان الداراني (١).
والتاسع: أنه طريق السنّة والجماعة لأن البدعة لا تكون مستقيمة. قاله عبدالله التستري (٢).
والعاشر: أنه سؤال الجنة، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ [محمد: ٤ - ٥]، وقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ [يونس: ٩] الآية (٣).
الحادي عشر: أن المعنى: علمنا العلم الحقيقيّ فذلك سبب الخلاص، وهو المعبّر عنه بالنور في قوله: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ [النور: ٣٥] (٤).
الثاني عشر: أن المراد: زدنا هدى استنجاحا لما وعدت بقولك: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن: ١١]. وقولك: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً [محمد: ١٧] (٥).
الثالث عشر: أن المراد: احرسنا عن استغواء الغواة واستهواء الشهوات، واعصمنا من الشبهات (٦).
الرابع عشر: أنه عنى الهداية العامة، وأمر أن ندعو بذلك- وإن كان هو قد فعله لا محالة- ليزيدنا ثوابا بالدعاء، كما أمرنا أن نقول: اللهم صلّ على محمد (٧).
قال ابن كثير: "وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فإن من اتبع النبي ﷺ واقتدى بالذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن" (٨).
وقال القاسمي: " فهذه الأقاويل اختلفت باختلاف أنظارهم إلى أبعاض الهداية وجزئياتها، والجميع يصح أن يكون مرادا بالآية- إذ لا تنافي بينها- وبالله التوفيق» كلام الراغب. وبه يعلم تحقيق معنى الهداية في سائر مواقعها في التنزيل الكريم، وأن الوجوه المأثورة في آية ما- إذا لم تتناف- صح إرادتها كلها، ومثل هذا يسمى: اختلاف تنوّع لا اختلاف تضادّ" (٩).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦]، على وجوه (١٠):
أحدها: (أرْشدنا)، قرأ بها عبدالله ابن مسعود (١١).
والثاني: (الصِّرَاطَ)، قرأ بها نافع، أبو عمرو، ابن عامر، عاصم، الكسائي، قالون، ورش، خلف، خلاد، قنبل.
والثالث: (الصّراط): بين الصاد والزاي، قرأ بها حمزة، وأبو عمرو، خلف، خلاد، الدوري، ابن سعدان.

(١) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١٢١.
(٢) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١٢١.
(٣) انظر: محاسن التأويل: ١/ ٢٣٢.
(٤) انظر: محاسن التأويل: ١/ ٢٣٢.
(٥) انظر: محاسن التأويل: ١/ ٢٣٢.
(٦) انظر: محاسن التأويل: ١/ ٢٣٢.
(٧) انظر: محاسن التأويل: ١/ ٢٣٢.
(٨) تفسير ابن كثير: ١/ ٢١.
(٩) محاسن التأويل: ١/ ١٣٢ - ٢٣٣.
(١٠) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١١٩، وتفسير القرطبي: ١/ ١٤٧ - ١٤٨، والبحر المحيط: ١/ ٤٥.
(١١) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٦.


الصفحة التالية
Icon