معافاته ومغفرته، وإن أمتى لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف. فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا" (١).
والأحاديث الواردة فى هذا المقام كثيرة، لكنى أكتفى بما ذكرت، والمزيد فى مظانه، ويؤخذ من ذلك ما يلى:
١ - إن الأحرف السبعة جميعها قرآن نزل من عند الله، لا مجال للاجتهاد فيها.
٢ - أن السبب فى هذه التوسعة هو التهوين على الأمة، والتيسير عليها فى قراءة القرآن الكريم.
أقسام القراءات وبيان ما يقبل منها ومالا يقبل
نقل السيوطى عن ابن الجرزى أن أنواع القراءات ستة:
الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم إلى منتهاه، حتى يبلغوا به النبى - ﷺ -، ومثاله ما اتفقت الطرق على نقله عن السبعة - أو غيرهم - وهذا هو الغالب فى القراءات.
الثانى: المشهور: وهو ما صح سنده بأن رواه العدل الضابط عن مثله، وهكذا ووافق العربية ولو بوجه، ووافق رسم المصحف العثمانى، واشتهر عند القراء فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ، إلا أنه لم يبلغ درجة المتواتر. ومثاله ما اختلفت الطرق فى نقله عن السبعة، فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض، وقد ذكر كثيراً من هذا النوع الدانى فى التيسير والشاطبى فى الشاطبية، وغيرهما. وهذان النوعان، هما اللذان يقرأ بهما، مع وجوب اعتقادهما ولا يجوز إنكار شئ منهما.
الثالث: ما صح سنده، وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا النوع لا يقرأ به ولا يجب اعتقاده، ومثاله قراءة (متكئين على رفارف خضر وعباقرى حسان) وقراءة (لقد جاءكم رسول من أنفَسِكم) بفتح الفاء.
الرابع: الشاذ، وهو ما لم يصح سنده، قراءة ابن السَّميفع (فاليوم ننحيك ببدنك) بالحاء المهملة (لتكون لمن خَلَفك آية) بفتح اللام من كلمة (خَلَفك).
الخامس: الموضوع، وهو ما نسب إلى قائله من غير أصل، مثل القراءات التى جمعها محمد بن جعفر الخزاعى، ونسبها إلى أبى حنيفة.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد فى القراءات على وجه التفسير، كقراءة سعد بن أبى وقاص (وله أخ أو أخت من أم) بزيادة لفظ (من أم).
قال ابن الجزرى: "وربما كانوا يدخلون التفسير فى القراءات إيضاحاً وبياناً، لأنهم محققون لما تلقوه عن النبى - ﷺ - قرآناً، فهم آمنون من الالتباس، وربما كان بعضهم يكتبه معه" (٢).
ومن خلال هذا النقل خلصنا إلى أن النوعين الأولين هما اللذان يقرأ بهما وأما غيرهما، فلا. والنوع الأول، وهو المتواتر مقطوع بقرآنيته بلا نزاع. وأما النوع الثانى وهو المشهور
(٢) انظر الإتقان ١/ ٧٩، مناهل العرفان ١/ ٤٢٩، وما بعدها