قوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، أي: " ومن يدخله من الناس مستجيرًا به، يكن آمنًا حتى يخرج منه" (١). وهذه آية أخرى.
قال ابن كثير: " يعني: حَرَمُ مكة إذا دخله الخائف يأمنُ من كل سوء، وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية" (٢).
قال الماوردي: " معناه أنه عطَّف عليه قلوب العرب في الجاهلية فكان الجاني إذا دخله أمِنَ" (٣).
وأما في "الأمن" ففيه قولان:
أحدهما: أنه من النار، وهذا قول يحيى بن جعدة (٤).
والثاني: من القتال بحظر الإيجال على داخليه، وأما الحدود فتقام على من جنى فيه. وهو قول قتادة (٥)، ومجاهد (٦)، والحسن (٧)، والسدي (٨)، وعطاء (٩)، وعبيد بن عمير (١٠)، وعامر (١١)، والشعبي (١٢).
واختلفوا في الجاني إذ دخله في إقامة الحد عليه فيه قولان (١٣):
أحدهما: تقام عليه، وهو مذهب الشافعي.
والثاني: لا تقاوم حتى يُلجأ إلى الخروج منه، وهذا قول ابن عباس (١٤)، وابن عمر (١٥)، ومجاهد (١٦)، وهو مذهب أبي حنيفة.
قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، " أي فرضٌ لازم على المستطيع حج بيت الله العتيق" (١٧).
قال الطبري: أي: " وفرضٌ واجبٌ لله على من استطاع من أهل التكليف السبيلَ إلى حجّ بيته الحرام الحج إليه" (١٨).
قال ابن كثير: " هذه آية وُجُوب الحج عند الجمهور. وقيل: بل هي قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] والأول أظهر، وقد وَرَدَت الأحاديثُ المتعددة بأنه أحدُ أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا، وإنما يجب على المكلَّف في العُمْر مَرّة واحدة بالنص والإجماع" (١٩).
وفي الاستطاعة إلى الحج أربعة أقاويل:
أحدها: أنها بالمال، وهي الزاد والراحلة، قاله عمر بن الخطاب (٢٠)، وابن عباس (٢١)، والحسن (٢٢)، وعمرو بن دينار (٢٣)، وعطاء (٢٤)، والسدي (٢٥)، وسعيد بن جبير (٢٦)، وهو قول الشافعي (٢٧).
(٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ٧٩.
(٣) النكت والعيون: ١/ ٤١١.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧٢): ص ٧/ ٣٣.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٤): ص ٧/ ٢٩.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٦): ص ٧/ ٣٠.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٨): ص ٧/ ٣٠.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧١): ص ٧/ ٣٣.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٨): ص ٧/ ٣٠.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٧٤٦٤): ص ٧/ ٣٢.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٧٤٦٥): ص ٧/ ٣٢.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٧٤٦٦): ص ٧/ ٣٢.
(١٣) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١١.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٩)، و (٧٤٦٠)، و (٧٤٦١)، و (٧٤٦٢): ص ٧/ ٣١ - ٣٢.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٧٤٦٣): ص ٧/ ٣٢.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٧٤٥٩): ص ٧/ ٣١.
(١٧) صفوة التفاسير: ١٩٩.
(١٨) تفسير الطبري: ٧/ ٣٧.
(١٩) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨١.
(٢٠) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧٤): ص ٧/ ٣٧.
(٢١) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧٦): ص ٧/ ٣٨.
(٢٢) انظر: تفسير الطبري (٧٤٨٢): ص ٧/ ٣٩.
(٢٣) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧٥): ص ٧/ ٣٧ - ٣٨.
(٢٤) انظر: تفسير الطبري (٧٤٧٩): ص ٧/ ٣٨.
(٢٥) انظر: تفسير الطبري (٧٤٨٠): ص ٧/ ٣٨.
(٢٦) انظر: تفسير الطبري (٧٤٨١): ص ٧/ ٣٨.
(٢٧) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١١.