والسادس: أنه طاعة الله. قاله الحسن (١).
و"الحبل"، يطلق على السبب الذي يوصَل به إلى البُغية والحاجة، ولذلك سمي الأمان "حبلا"، لأنه سبب يُوصَل به إلى زوال الخوف، والنجاة من الجزَع والذّعر، ومنه قول أعشى بني ثعلبة (٢):
وَإذَا تُجَوِّزُهَا حِبَالُ قَبِيلَةٍ | أَخَذَتْ مِنَ الأخْرَى إلَيْكَ حِبَالَها |
قال الماوردي: "وسُمَّي ذلك حبلاً لأن المُمْسِكَ به ينجو مثل المتمسك بالحبل ينجو من بئر أو غيرها" (٤).
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣]، أي: " ولا تتفرقوا عن دين الله" (٥).
وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وجهان:
أحدهما: عن دين الله الذي أمر فيه بلزوم الجماعة، وهذا قول ابن مسعود (٦)، وقتادة (٧).
والثاني: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٨).
قال ابن كثير: " أمَرَهُم بالجماعة ونهاهم عن التفرقة وقد وردت الأحاديثُ المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف كما في صحيح مسلم من حديث سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ قال: "إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاهُ اللهُ أمْرَكُمْ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ" (٩) " (١٠).
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت بنوا إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة قالوا: يا رسول الله: ومن هذه الواحدة؟ قال: الجماعة. قال: فقبض يده ثم قال: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" (١١).
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٣]، "أي: اذكروا إنعامه عليكم يا معشر العرب" (١٢).
عن ابن عباس قوله: " ﴿نعمت الله﴾، يقول: عافية الله" (١٣).
قوله تعالى: ﴿إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٣]، " أي حين كنتم قبل الإسلام أعداء الداءً فألف بين قلوبكم بالإِسلام وجمعكم على الإِيمان" (١٤).
قال السدي: أما: ﴿إذ كنتم أعداء﴾، ففي حرب ابن سُمَير (١٥)، ﴿فألف بين قلوبكم﴾، بالإسلام" (١٦).
قال قتادة: "، كنتم تذابحون فيها، يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالإسلام، فآخى به بينكم، وألَّف به بينكم. أما والله الذي لا إله إلا هو، إنّ الألفة لرحمة، وإن الفرقة لعذابٌ" (١٧).
(١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٩١٧): ص ٣/ ٧٢٤.
(٢) ديوانه: ٢٤، ومشكل القرآن: ٣٥٨، والمعاني الكبير: ١١٢٠، واللسان (حبل) وغيرها.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٧٠ - ٧١.
(٤) النكت والعيون: ١/ ٤١٤.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٧٤.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٧٥٦٢)، و (٧٥٦٣): ص ٧/ ٧١.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٧٥٧٥): ص ٧/ ٧٤.
(٨) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١٤.
(٩) صحيح مسلم برقم (١٧١٥).
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨٩.
(١١) أ×رجه ابن أبي حاتم (٣٩١٥): ص ٣/ ٧٢٣.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٠٠.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٢١): ص ٣/ ٧٢٤.
(١٤) صفوة التفاسير: ٢٠٠.
(١٥) قال الطبري: " أنّ مبدأ العداوة التي هيَّجت الحروب التي كانت بين قبيلتَيها الأوسِ والخزرجِ وأوَّلها، كان بسبب قتل مَولى لمالك بن العجلان الخزرجيّ، يقال له: " الحرُّ بن سُمَير " من مزينة، وكان حليفًا لمالك بن العجلان، ثم اتصلت تلك العداوة بينهم إلى أن أطفأها الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم". [تفسير الطبري: ٧/ ٨٤].
(١٦) أخرجه الطبري (٧٥٨٨): ص ٧/ ٨٢.
(١٧) أخرجه الطبري (٧٥٨٢): ص ٧/ ٧٧.
(٢) ديوانه: ٢٤، ومشكل القرآن: ٣٥٨، والمعاني الكبير: ١١٢٠، واللسان (حبل) وغيرها.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٧٠ - ٧١.
(٤) النكت والعيون: ١/ ٤١٤.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٧٤.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٧٥٦٢)، و (٧٥٦٣): ص ٧/ ٧١.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٧٥٧٥): ص ٧/ ٧٤.
(٨) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤١٤.
(٩) صحيح مسلم برقم (١٧١٥).
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨٩.
(١١) أ×رجه ابن أبي حاتم (٣٩١٥): ص ٣/ ٧٢٣.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢٠٠.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩٢١): ص ٣/ ٧٢٤.
(١٤) صفوة التفاسير: ٢٠٠.
(١٥) قال الطبري: " أنّ مبدأ العداوة التي هيَّجت الحروب التي كانت بين قبيلتَيها الأوسِ والخزرجِ وأوَّلها، كان بسبب قتل مَولى لمالك بن العجلان الخزرجيّ، يقال له: " الحرُّ بن سُمَير " من مزينة، وكان حليفًا لمالك بن العجلان، ثم اتصلت تلك العداوة بينهم إلى أن أطفأها الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم". [تفسير الطبري: ٧/ ٨٤].
(١٦) أخرجه الطبري (٧٥٨٨): ص ٧/ ٨٢.
(١٧) أخرجه الطبري (٧٥٨٢): ص ٧/ ٧٧.