قال الماتريدي: " وقوله: ﴿مسومين﴾ قيل: ﴿منزلين﴾؛ و ﴿مسومين﴾ سواء، وهو من الإرسال؛ ومن التسويم، وقيل: معلمين بعلامة، وذلك - وألله أعلم - ليعلم المؤمنين حاجتهم إلى العلامة، لا أن الملائكة يحتاجون إلى العلامة" (١).
قال الثعلبي: " والسومة: العلامة التي يعلم بها الفارس نفسه في الحرب" (٢).
أخرج الطبري بسنده عن الزبير بن المنذر، عن جده أبي أسيد - وكان بدريًا - فكان يقول: "لو أن بصري فُرِّج منه، ثم ذهبتم معي إلى أحد، لأخبرتكم بالشِّعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صُفر قد طرحوها بين أكتافهم" (٣).
وقال علي-كرّم الله وجهه-: " كان سيما الملائكة أهل بدر الصوف الأبيض، وكان سيما الملائكة أيضا في نواصي خيولهم" (٤).
وعن أبي هريرة في هذه الآية: " ﴿مسومين﴾، قال: بالعهن الأحمر" (٥).
واختلفوا في التسويم على قولين:
أحدهما: أنه كان بالصوف في نواصي الخيل وآذانها، وهو قول علي-كرّم الله وجهه- (٦)، وابن عباس (٧)، والحسن (٨)، وقتادة (٩)، ومجاهد (١٠)، والضحاك (١١).
الثاني: أن الملائكة نزلت يوم بدر على خيل بلق وعليهم عمائم صفر، وهو قول هشام بن عروة (١٢)، وعبدالله بن الزبير (١٣)، والربيع (١٤).
قال الزجاج: " ومعنى ﴿مسومين﴾: أخذ من السومة، وهي العلامة، كانوا يعلمون بصوفة أو بعمامة أو ما أشبه ذلك، و ﴿مسومين﴾: معلمين. وجائز أن يكون مسومين: قد سوموا خيلهم
وجعلوها سائمة" (١٥).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران: ١٢٥]، على وجهين (١٦):
أحدهما: ﴿مسومين﴾ بكسر الواو، في قرأءة ابن كثير وأبو عمرو وعاصم، بمعنى أن الملائكة سوَّمتْ لنفسها.
والثاني: وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ﴿مسومين﴾ مفتوحة، بمعنى أن الله سوَّمها.
الفوائد:
١ - أن الصبر والتقوى من اسباب النصر.
٢ - أن الله زادهم على ما بشّرهم به الرسول-صلى الله عليه وسلم- ألفين إذا صبروا واتقوا.
٣ - أن من نعمة الله على العبد أن يكون الذي يولاه الملاة، لأن الملائكة تثبت على الخير، بخلاف الشياطين فإنها تثبت على الشر.
(٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٤٤.
(٣) تفسير الطبري (٧٧٧٧): ص ٧/ ١٨٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٠٧): ص ٣/ ٧٥٤.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤١٠٨): ص ٣/ ٧٥٤.
(٦) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤١٠٧): ص ٣/ ٧٥٤، وزاد المسير: ١/ ٣٢١.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٧٧٨٦): ص ٧/ ١٨٨.
(٨) انظر: النكت والعيون: ١/ ٤٢٢.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٧٧٨٠): ص ٧/ ١٨٧.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٧٧٧٨): ص ٧/ ١٨٧.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٧٧٨٨): ص ٧/ ١٨٨.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٧٧٨٩): ص ٧/ ١٨٨.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٧٧٩٠): ص ٧/ ١٨٨.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٧٧٨٣): ص ٧/ ١٨٧.
(١٥) معاني القرآن: ١/ ٤٦٧.
(١٦) انظر: السبعة: ٢١٦، وتفسير الطبري: ٧/ ١٨٤.