الفوائد:
١ - أن آجال الأنفس محددة، وأنه لايمكن ان يتقدم الإنسان أو يتأخر عن الأجل الذي قدّره الله له.
٢ - تسلية أصحاب الرسول-صلى الله عليه وسلم- حين قيل لهم أن محمدا-صلى الله عليه وسلم- قتل.
٣ - إثبات أن كل شيء حتى الموت مخلوق، لقوله: ﴿إلا بإذن الله﴾، وما كان صادرا عن إذن فهو مخلوق، ويدل عليه قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك: ٢].
٤ - أن الناس لهم مشارب ولكل مسلك.
٥ - الردّ على الجبرية، لقوله: ﴿ومن يرد﴾، إذ اثبت للإنسان إرادة، والجبرية يقولون أن الانسان ليس له إرادة.
٦ - أن الذي يريد بالعمل الصالح الأمور الدنيوية، فليس له حظ في الآخرة.
٧ - إيثار إرادة الآخرة على الدنيا.
٨ - إثبات الجزاء على العمل.
٩ - الحث على الشكر، لأن الإخبار بأن الله سيجزي الشاكرين يراد به الحص على الشكر.
القرآن
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)﴾ [آل عمران: ١٤٦]
التفسير:
كثير من الأنبياء السابقين قاتل معهم جموع كثيرة من أصحابهم، فما ضعفوا لِمَا نزل بهم من جروح أو قتل; لأن ذلك في سبيل ربهم، وما عَجَزوا، ولا خضعوا لعدوهم، إنما صبروا على ما أصابهم. والله يحب الصابرين.
قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٤٦]، " أي: وكم من الأنبياء قاتل لإِعلاء كلمة الله وقاتل معه علماء ربانيون وعُبَّاد صالحون كثير" (١).
قال الزجاج: أي: " وكأين من نبي قتل ومعه ﴿رِبِّيُّونَ﴾ الجماعات الكثيرة، وقال بعضهم الربوة عشرة آلاف" (٢).
قال محمد بن إسحاق: " وكأين من نبي أصابه القتل ومعه جماعات" (٣).
قال الحسن: " قد كانت أنبياء الله قبل محمد قاتل معها علماء" (٤)، وروي عنه أيضا أن: "الربيون من العلماء مأخوذ من الرب؛ لأنهم على دين الرب وطريقه" (٥).
قال الضحاك: "الربيون: الربوة الواحدة ألف " (٦).
وقال عطاء الخراساني: "الربوة: عشرة آلاف في العدد" (٧).
أخرج سفيان عن عبد الله في قوله: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير﴾، قال: "الوف" (٨).
وفي قوله تعالى: ﴿رِبِّيُّونَ﴾ [آل عمران: ١٤٦]، أربعة أقاويل:
أحدها: أنهم الذين يعبدون الرب وأحدهم رِبّيُّ، قاله الأخفش (٩)، لأن "العرب تنسب الشيء إلى الشيء فيغير حركته كما يقول بصري منسوب إلى بصرة، فكذلك ﴿ربيون﴾، منسوب إلى «الرب» " (١٠).
الثاني: أنهم الجماعات الكثيرة، و"الربيون" جمع "الربية"، وهي الفرقة، وهو قول ابن مسعود (١١)، وابن عباس (١٢)، والحسن (١٣)، والسدي (١٤)، وقتادة (١٥)، وعكرمة (١٦)، ومجاهد (١٧)، والربيع (١٨)، والضحاك (١٩)، وابن إسحاق (٢٠).
ومنه قوله حسان (٢١):
وإذا معشر تجافوا عن الحق... حملنا عليهم ربيا
والثالث: انهم العلماء الكثيرون، وهو قول ابن عباس أيضا (٢٢)، والحسن (٢٣) أيضا.
والرابع: أن "الربيون": الأتباع. والربانيون: الولاة، والربيون الرعية، وهو قول أبن زيد (٢٤).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ﴾ [آل عمران: ١٤٦]، ثلاثة اوجه من القراءة (٢٥):
أحدها: قرأ ابن كثير وحده: ﴿وكآئن﴾، الهمزة بين الألف والنون على وزن: "فاعل".
والثاني: وقرأ الباقون: ﴿وكأين﴾، الهمزة بين الكاف والياء مشددة على وزن: "كعين".
والثالث: وقرأ ابن محيصن: (كأي) ممدودا بغير نون (٢٦).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿قَاتَلَ مَعَهُ﴾ [آل عمران: ١٤٦]، على قراءتين (٢٧):
إحداهما: ﴿قتل معه﴾، قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وهي قراءة ابن عباس واختيار أبي حاتم، وحسّنه الأخفش (٢٨).
ومن قرأ ﴿قتل﴾ فله ثلاثة أوجه (٢٩):
أحدها: أن يكون القتل واقعا على النبي وحده، وحينئذ يكون تمام الكلام عند قراءة (قتل) فيكون في الآية إضمار معناه ومعه ربيون كثير كما يقال: قتل الأمير معه جيش عظيم، أي ومعه، ويقول: خرجت معي تجارة، أي ومعي.
والوجه الثاني: أن يكون القتل نال النبي ومعه من الربيين، ويكون وجه الكلام: قتل بعض من كان معه، تقول العرب: قتلنا بني تميم وبني فلان، وإنما قتلوا بعضهم ويكون قوله: فما وهنوا راجعا إلى الباقين الذين لم يقتلوا.
والوجه الثالث: أن يكون القتل للربيين لا غير.
والقراءة الثانية: ﴿قاتل﴾ بالألف، قرأ بها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، وهي قراءة ابن مسعود واختيار أبي عبيد.
(٢) معاني القرآن: ١/ ٤٧٦.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٧٥): ص ٣/ ٧٨٠.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٢٧٥): ص ٣/ ٧٨٠.
(٥) تفسير السمعاني: ١/ ٣٦٣.
(٦) أخرجه ابن المنذر (١٠٠٩): ص ١/ ٤١٩.
(٧) أخرجه ابن المنذر (١٠١٠): ص ١/ ٤١٩.
(٨) تفسير سفيان الثوري: ٨١.
(٩) انظر: معاني القرآن: ١/ ٢٣٥.
(١٠) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨١.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٧٩٥٧) - (٧٩٦٠): ص ٧/ ٢٦٥ - ٢٦٦.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦١): ص ٧/ ٢٦٦، و (٧٩٧٩): ص ٧/ ٢٦٨.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦٦): ص ٧/ ٢٦٧.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٧٩٧٧): ص ٧/ ٢٦٨.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦٧): ص ٧/ ٢٦٧.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦٩): ص ٧/ ٢٦٧.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (٧٩٧١): ص ٧/ ٢٦٧.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٧٩٧٣): ص ٧/ ٢٦٨.
(١٩) انظر: تفسير الطبري (٧٩٧٤): ص ٧/ ٢٦٨.
(٢٠) انظر: تفسير الطبري (٧٩٧٨): ص ٧/ ٢٦٨.
(٢١) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨١، والقرطبي: ٤/ ٢٣٠، والدر المنثور: ٢/ ٨٢.
(٢٢) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦٤): ص ٧/ ٢٦٦.
(٢٣) انظر: تفسير الطبري (٧٩٦٥)، و (٧٩٦٨): ص ٧/ ٢٦٧.
(٢٤) انظر: تفسير الطبري (٧٩٨٠): ص ٧/ ٢٦٩.
(٢٥) انظر: السبعة في القراءات: ٢١٧.
(٢٦) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٠.
(٢٧) انظر: السبعة في القراءات: ٢١٧.
(٢٨) انظر: معاني القرآن: ١/ ٢٣٥.
(٢٩) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨١.