القرآن
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (١٤٩)﴾ [آل عمران: ١٤٩]
التفسير:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تطيعوا الذين جحدوا ألوهيتي، ولم يؤمنوا برسلي من اليهود والنصارى والمنافقين والمشركين فيما يأمرونكم به وينهونكم عنه، يضلوكم عن طريق الحق، وترتدُّوا عن دينكم، فتعودوا بالخسران المبين والهلاك المحقق.
في سبب نزول الآية وجهان:
أحدهما: قال مقاتل بن سليمان: " وأنزل الله- عز وجل- في قول المنافقين للمؤمنين، عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم فادخلوا فى دينهم. فقال- سبحانه-: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا﴾، يعني: المنافقين في الرجوع إلى أبي سفيان، ﴿يردوكم على أعقابكم﴾ كفارا بعد الإيمان ﴿فتنقلبوا خاسرين﴾ " (١). ونقله الثعلبي والزمخشري وغيرهما عن علي-كرّم الله وجهه (٢). وأخرج ابن ابي حاتم عن السدي فيما معناه (٣).
والثاني: وروي عن الحسن رضى الله عنه: "إن تستنصحوا اليهود والنصارى وتقبلوا منهم، لأنهم كانوا يستغوونهم ويوقعون لهم الشبه في الدين، ويقولون: لو كان نبيا حقا لما غلب ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم، وإنما هو رجل حاله كحال غيره من الناس يوما له ويوما عليه" (٤).
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: ١٤٩]، أي: " يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه" (٥).
قال الطبري: أي: " يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله في وعد الله ووعيده وأمره ونهيه" (٦).
قوله تعالى: ﴿إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ١٤٩]، "أي: إِن أطعتم الكفار والمنافقين فيما يأمرونكم به" (٧).
قال الطبري: أي: " إن تطيعوا الذين جحدوا نبوة نبيكم محمد ﷺ من اليهود والنصارى - فيما يأمرونكم به وفيما ينهونكم عنه - فتقبلوا رأيهم في ذلك وتنتصحوهم فيما يزعمون أنهم لكم فيه ناصحون" (٨).
قال الواحدي: " أَيْ: اليهود والمشركين حيث قالوا لكم يوم أُحدٍ: ارجعوا إلى دين آبائكم" (٩).
قال ابن جريج: " يقول: لا تنتصحوا اليهود والنصارى على دينكم، ولا تصدِّقوهم بشيء في دينكم" (١٠).
قال السدي: " يقول: إن تطيعوا أبا سفيان" (١١).
قوله تعالى: ﴿يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٩]، "ي يردوكم إِلى الكفر" (١٢).
قال السدي: "يقول: يردَّكم كفارًا" (١٣).
قال الطبري: أي: " يحملوكم على الرِّدة بعد الإيمان، والكفر بالله وآياته وبرسوله بعد الإسلام" (١٤).
قال الثعلبي: أي: " يرجعوكم إلى أول أمركم الشرك بالله تعالى" (١٥).

(١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٦.
(٢) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٣، والكشاف: ١/ ٤٢٥.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٣٠٨): ص ٣/ ٧٨٤.
(٤) الكشاف: ١/ ٤٢٥.
(٥) التفسير الميسر: ٦٨.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ٢٧٧.
(٧) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٢٧٧.
(٩) الوجيز: ٢٣٦.
(١٠) أخرجه الطبري (٧٩٩٩): ص ٧/ ٢٧٧.
(١١) أخرجه الطبري (٨٠٠٠): ص ٧/ ٢٧٧.
(١٢) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(١٣) أخرجه الطبري (٨٠٠٠): ص ٧/ ٢٧٧، وانب أبي حاتم (٤٣١٠): ص ٣/ ٧٨٤.
(١٤) تفسير الطبري: ٧/ ٢٧٧.
(١٥) تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٣.


الصفحة التالية
Icon