قال الراغب: " الرعب: استرخاء القوى وتقطعها من الخوف" (١).
وقوله: ﴿الرُّعْبَ﴾، ثقل عينه، أبو جعفر وابن عامر والكسائي ويعقوب، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وخففها الآخرون (٢).
قوله تعالى: ﴿بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [آل عمران: ١٥١]، " أي: بسبب إِشراكهم بالله وعبادتهم معه آلهة أخرى من غير حجة ولا برهان" (٣).
قال ابن إسحاق: " بما أشركوا بي" (٤).
قال مقاتل: "يعني: ما لم ينزل به كتابا فيه حجة لهم بالشرك" (٥).
قال الواحدي: أي: " بإشراكهم بالله الأصنام التي يَعبدونها مع الله بغير حجَّة" (٦).
قال الزمخشري: " أى: كان السبب في إلقاء الله الرعب في قلوبهم إشراكهم به ما لم ينزل به سلطانا آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة" (٧).
قوله تعالى: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [آل عمران: ١٥١]، "أي: مستقرهم النار" (٨).
قال الواحدي: " يْ: مرجعهم النَّار" (٩).
قوله تعالى: ﴿وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ١٥١]، " أي: بئس مقام الظالمين نار جهنم" (١٠).
الفوائد:
١ - بيان عظمة الله، من قوله: ﴿سنلقي﴾.
٢ - أن محل الإرادة والتدبير للبدن هو القلب، لقوله: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾، وليس المحل هو الدماغ، لأن الدماغ لايدبر، بل يتصور ثم يرسل الصورة إلى القلب، والقلب يحكم، قال تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٧٩].
٣ - أن إلقاء الرعب في قلب الأعداء من اكبر النصر، لقوله: ﴿وهو خير الناصرين﴾، ثم قال: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾، فالرعب من أقوى أسباب النصر.
٤ - إثبات الأسباب لقوله: ﴿بما أشركوا﴾.
٥ - أنه إذا كان الرعب يلقى في قلوب المشركين لإشراكهم، فإن الأمن يلقى في قلوب المؤمنين لتوحيدهم، لأن ما ثبت للشيء ثبت ضده لضده، فكلما كان الإنسان اشد إيمانا بالله وأشد توحيدا له كان أشد امنا واستقرارا، لأنه أقوى توكلا علي الله، والتوكل من أقوى اسباب الأمن ومصابرة الأعداء، حتى أن من الناس من يقوم توكله على الله مقام الدواء في الشفاء.
٦ - أنه لا دليل لأحد على شركه، لقوله: ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾، وهذا نداء على المشركين وإعلان بسفههم.
٧ - إثبات الجزاء، لقوله: ﴿ومأواهم النار﴾.
٨ - إثبات أن النار مأوى الكافرين.
٩ - ذم النار ومثواها والعياذ بالله.
القرآن
(٢) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ١٨٣.
(٣) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٣١٧): ص ٣/ ٧٨٥.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٦.
(٦) الوجيز: ٢٣٧.
(٧) الكشاف: ١/ ٤٢٥.
(٨) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(٩) الوجيز: ٢٣٧.
(١٠) صفوة التفاسير: ٢١٥.