قال البيضاوي: أي: " ثم كفكم عنهم حتى حالت الحال فغلبوكم. ليبتليكم على المصائب ويمتحن ثباتكم على الإيمان عندها" (١).
قال ابن إسحاق: " أي: صرفكم عنهم ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم" (٢).
قال مقاتل: " ﴿ثم صرفكم عنهم﴾ من بعد أن أظفركم عليهم ﴿ليبتليكم﴾ بالقتل والهزيمة" (٣).
قال الطبري: يعني: " ثم صرفكم، أيها المؤمنون، عن المشركين بعد ما أراكم ما تحبون فيهم وفي أنفسكم، من هزيمتكم إياهم وظهوركم عليهم، فردَّ وجوهكم عنهم لمعصيتكم أمر رسولي، ومخالفتكم طاعته، وإيثاركم الدنيا على الآخرة عقوبةً لكم على ما فعلتم، ليبتليكم، يقول: ليختبركم، فيتميز المنافق منكم من المخلص الصادق في إيمانه منكم" (٤).
قال السدي: " ثم ذكر حين مال عليهم خالد بن الوليد: ﴿ثم صرفكم عنهم ليبتليكم﴾ " (٥).
قال الحسن: "صرف القوم عنهم، فقتل من المسلمين بعدَّة من أسروا يوم بدر، وقُتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وشُجّ في وجهه" (٦).
قال الماتريدي: " أي: ذلك الصرف كان لكم من الله ابتلاء ومحنة.
وقيل: كان ذلك العصيان -الذي منكم كان- من الله ابتلاء؛ ليعلم من قد علم أنه يعصي عاصيا" (٧).
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٢]، أي: " وقد صفح عنكم مع العصيان" (٨).
قال مقاتل: " حيث لم تقتلوا جميعا عقوبة بمعصيتكم" (٩).
قال التستري: " يعني الفئة المنهزمة يوم أحد حين لم يستأصلهم جميعاً" (١٠).
قال البيضاوي: يعني: " تفضلا، ولما علم من ندمكم على المخالفة" (١١).
قال ابن إسحاق: " ولقد عفا الله عن عظيم ذلك، لم يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم، ولكن عُدْت بفضلي عليكم" (١٢).
عن ابن جريج: "قوله: ﴿ولقد عفا عنكم﴾، قال: لم يستأصلكم" (١٣).
أخرج الطبري عن مبارك، عن الحسن، في قوله: ﴿ولقد عفا عنكم﴾، قال: "قال الحسن، وصفَّق بيديه: وكيف عفا عنهم، وقد قتل منهم سبعون، وقُتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه؟ قال: ثم يقول: قال الله عز وجل: قد عفوت عنكم إذ عصيتموني، أن لا أكون استأصلتكم. قال: ثم يقول الحسن: هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله غضابٌ لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غُمُّوا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يَتَجَرْثَمُ كل كبيرة، ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه! ! فسوف يعلم" (١٤).
قال الماتريدي: " ويحتمل: ﴿عفا عنكم﴾؛ حيث قبل رجوعكم وتوبتكم عن العصيان" (١٥).
(٢) أخرجه الطبري (٨٠٤٢): ص ٧/ ٢٩٧.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٧.
(٤) تفسير الطبري ٧/ ٢٩٦ - ٢٩٧.
(٥) أخرجه الطبري (٨٠٤٠): ص ٧/ ٢٩٧.
(٦) أخرجه الطبري (٨٠٤١): ص ٧/ ٢٩٧.
(٧) تفسير الماتريدي: ٢/ ٥٠٦.
(٨) صفوة التفاسير: ٢١٥.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٠٧.
(١٠) تفسير التستري: ٥٠.
(١١) تفسير البيضاوي: ٢/ ٤٣.
(١٢) تفسير الطبري (٨٠٤٥): ص ٧/ ٢٩٩.
(١٣) تفسير الطبري (٨٠٤٤): ص ٧/ ٢٩٨.
(١٤) تفسير الطبري (٨٠٤٣): ص ٧/ ٢٩٨.
(١٥) تفسير الماتريدي: ٢/ ٥٠٦.