وأخرج الطبري عن ابن زيد: " واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقرأ: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ [سورة الرعد: ٢١] " (١).
قال مقاتل: " يقول: تسألون بالله بعضكم ببعض الحقوق والحوائج، واتقوا الأرحام أن تقطعوها وصلوها" (٢).
عن مجاهد قوله: " ﴿واتقوا الله الذي تسائلون به﴾، قال: يقول أسألك بالله وبالرحم" (٣). وروي عن إبراهيم النخعي، وعكرمة نحو ذلك (٤).
وقال الضحاك: "يقول: اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به" (٥). وروي عن الربيع نحو ذلك (٦).
عن السري بن يحيى قال: "تلا الحسن هذه الآية: ﴿واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام﴾: فإذا سئلت بالله فأعط، وإذا سئلت بالرحم فأعط يعني: الرحم التي بينك وبينه" (٧).
عن الربيع في قوله: " ﴿اتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام﴾، قال: الذي تعهدون وتعتقدون به" (٨).
عن سعيد بن جبير في قوله: " ﴿اتقوا الله﴾، يعني: المؤمنين يحذرهم" (٩).
نستنتج من الأقوال السابقة أن في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١]، وجهان:
أحدهما: أن معنى قوله ﴿تساءلون به﴾، هو قولهم: أسألك بالله وبالرحم، وهذا قول مجاهد (١٠)، وإبراهيم (١١)، والحسن (١٢)، وعكرمة في أحد قوليه (١٣).
وتقويه قراءة حمزة: ﴿والأرحام﴾، بالكسر، على هذا المعنى (١٤).
والثاني: أنه أراد بقوله: ﴿والأرحام﴾، أي: صِلُوها ولا تقطعوها، وهو ابن عباس (١٥)، وقتادة (١٦)، والضحاك (١٧)، والسدي (١٨)، وابن زيد (١٩)، والربيع (٢٠)، وعكرمة (٢١)، ومقاتل بن حيان (٢٢).
قال الماوردي: " لأن الله تعالى قصد بأول السورة حين أخبرهم أنهم من نفس واحدة أن يتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة وإن بعدوا" (٢٣).
وقرئ: ﴿تسلون به﴾، مهموز أو غير مهموز، وقرئ ﴿تسألون به﴾، وخففه أهل الكوفة على حذف إحدى التائين تخفيفا كقوله: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا﴾ [المائدة: ٢]، ونحوها (٢٤).
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٥.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٢٣): ص ٣/ ٨٥٣.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٧٢٥): ص ٣/ ٨٥٤.
(٥) أخرجه الطبري (٨٤١٠): ص ٧/ ٥١٨.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٨٤١١)، و (٨٤١٢): ص ٧/ ٥١٨.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٢٤): ص ٣/ ٨٥٣.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٢٥): ص ٣/ ٨٥٣.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٢٢): ص ٣/ ٨٥٣.
(١٠) انظر: تفسير: ابن أبي حاتم (٤٧٢٣): ص ٣/ ٨٥٣.
(١١) انظر: تفسير: الطبري (٨٤١٤): ص ٧/ ٥١٨.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٨٤٢٠): ص ٧/ ٥١٩، وابن أبي حاتم (٤٧٢٤): ص ٣/ ٨٥٣.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٧٢٥): ص ٣/ ٨٥٤.
(١٤) انظر: السبعة في القراءات: ٢٢٦.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٨٤٢٣): ص ٧/ ٥٢١، وتفسير ابن أبي حاتم (٤٧٢٦): ص ٣/ ٨٥٤.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٨٤٢٢)، و (٨٤٢٧): ص ٧/ ٥٢١، والنكت والعيون: ٢/ ٤٤٧.
(١٧) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٧٢٦): ص ٣/ ٨٥٤.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٨٤٢١): ص ٧/ ٥٢١.
(١٩) تفسير الطبري (٨٣٤٣): ص ٧/ ٥٢٢.
(٢٠) انظر: تفسير الطبري (٨٤٣٣): ص ٧/ ٥٢٢.
(٢١) تفسير ابن أبي حاتم (٥٧٢٦): ص ٣/ ٨٥٤.
(٢٢) تفسير ابن أبي حاتم (٥٧٢٦): ص ٣/ ٨٥٤.
(٢٣) النكت والعيون: ٢/ ٤٤٧.
(٢٤) انظر: معاني القرآن للأخفش: ١/ ٢٤٣، وتفسير الطبري: ٧/ ٥١٩، وتفسير الثعلبي: ٣/ ٢٤١، وتفسير البغوي: ٢/ ١٥٩، والكشاف: ١/ ٤٦٢، وتفسير البيضاوي: ٢/ ٥٨.