وفي قوله تعالى: ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]، قولان:
أحدهما: يعني فبذنبك. وهذا قول قتادة (١)، والسدي (٢) ـ وابن جريج (٣)، وابن زيد (٤)، وأبي صالح (٥).
والثاني: فبفعلك (٦).
قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا﴾ [النساء: ٧٩]، أي: " وبعثناك -أيها الرسول- لعموم الناس رسولا تبلغهم رسالة ربك" (٧).
قال الطبري: أي: " إنما جعلناك، يا محمد، رسولا بيننا وبين الخلق، تبلّغهم ما أرسلناك به من رسالة، وليس عليك غير البلاغ وأداء الرسالة إلى من أرسلت، فإن قبلوا ما أرسلت به فلأنفسهم، وإن ردُّوا فعليها" (٨).
قال الزمخشري: " أى: رسولا للناس جميعا لست برسول العرب وحدهم، أنت رسول العرب والعجم، كقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ [سبأ: ٢٨]، ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] " (٩).
قال ابن كثير: " أي: تبلغهم شرائع الله، وما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويأباه" (١٠).
قال أبو صالح: "أرسل: بعث" (١١).
قال الزجاج: " معنى «الرسول» ههنا مؤكد لقوله: ﴿وأرسلناك﴾، لأن ﴿وأرسلناك للناس﴾ تدل على أنه رسول" (١٢).
قوله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٧٩]، أي: " وحسبك أن يكون الله شاهداً على صدق رسالتك" (١٣).
قال الزمخشري: أي: " وكفى بالله شهيدا على ذلك، فما ينبغي لأحد أن يخرج عن طاعتك واتباعك" (١٤).
قال ابن كثير: " أي: على أنه أرسلك، وهو شهيد أيضا بينك وبينهم، وعالم بما تبلغهم إياه، وبما يردون عليك من الحق كفرا وعنادًا" (١٥).
قال مقاتل: " يعني: فلا شاهد أفضل من الله بأنك رسوله" (١٦).
قال الزجاج: " أي: الله قد شهد أنه صادق، وأنه رسوله" (١٧).
قال الطبري: أي: " حسبك الله تعالى ذكره، شاهدًا عليك في بلاغك ما أمرتك ببلاغه من رسالته ووحيه، وعلى من أرسلت إليه في قبولهم منك ما أرسلت به إليهم، فإنه لا يخفى عليه أمرك وأمرهم، وهو مجازيك ببلاغك ما وعدَك، ومجازيهم ما عملوا من خير وشر، جزاء المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته" (١٨).

(١) انظر: تفسير الطبري (٩٩٧١): ص ٨/ ٥٥٩.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٩٩٦٨): ص ٨/ ٥٥٨.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٩٩٧٤): ص ٨/ ٥٥٩.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٩٩٧٥): ص ٨/ ٥٥٩.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٩٩٧٦): ص ٨/ ٥٥٩.
(٦) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٠٩.
(٧) التفسير الميسر: ٩٠.
(٨) تفسير الطبري: ٨/ ٥٦١.
(٩) الكشاف: ١/ ٥٣٩.
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٦٣.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٦٦٢): ص ٣/ ١٠١١.
(١٢) معاني القرآن: ٢/ ٨٠.
(١٣) انظر: صفوة التفاسير: ٢٦٨، والتفسير الميسر: ٩٠.
(١٤) الكشاف: ١/ ٥٣٩.
(١٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٦٣.
(١٦) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٩١.
(١٧) معاني القرآن: ٢/ ٨٠.
(١٨) تفسير الطبري: ٨/ ٥٦١.


الصفحة التالية
Icon